TG Telegram Group Link
Channel: عبد الرحمن القلاوي
Back to Bottom
وإني وإن وجدت في إعراضك مسًّا من الجَفوة، وفي تغافلك شَوبًا من الإهمال يبعث في النفس غصةً كأنها نُكثت في الحلق، فما زلت أراك لي قرينًا في مجال السُّكون الذي تُنطِقُه الأرواح إذا عُيِّيَتِ الألسن، كأن ما بيني وبينك من التفاهم هو كالنبض الخفيّ الذي يسري في العروق. وقد كانت منك نظرةٌ ما أحوجَت إلى تكلّف، ولا استصرختْ لسانًا يترجمها، فما ذكرتك بعدها إلا تغيّرت حال نفسي، فتألقت بمسوحٍ من الجمال، وتزينت بوشاحٍ من الفضلية.
”وَالطُف بعَبدِكَ في الدَّارَين إنَّ لَهُ
صَبرًا مَتى تَدْعهُ الأهوالُ يَنهَزِمِ“.

- الخط لريحان من الجزائر
متعود أتمشى بعد منتصف الليل لفرع البيك على كورنيش الدمام، لقيت الميدالية والمفاتيح هدول عند استراحة الباص جنب مسجد جرير، خمنت تكون مفاتيح شقة أو مكتب وكنت محتار أسيبهم ولا أخدهم معايا، بعد ما مشيت شوية لم أتوقع وجود رقم هاتف بالفعل. تواصلت مع صاحبها، مصري من صوته، وكان قريب بالفعل من المكان، تقابلنا وكان الرجل طيب وواضح على وجهه الفرح الشديد، شكرني وقالي: مهندس فلان، وذهب كل منا في طريقه.

موقف بسيط ولكني مثله يذكرني دائمًا بأقدار الله وترتيبه لأمور عباده، صغيرها قبل كبيرها، وكيف يسوقهم إلى بعضهم وإن كانا غريبين في بلد آخر.
الطعنة التي لم تُميتك تصقلك، وكل طريقٍ قطعت تركت أثرها فيك وإن أخطأت الوجهة. بين مطيات التجارب يسقط عنك رويدًا تاج الغرور، فتفهم أن الأقدار وإن قَست ففي باطنها الخير المحجوب، وأن ما أخطأك وما أصابك، على حدٍ سواءٍ، تصريف من إلهٍ حكيمٍ، فلا تأس ولا تغترّ.

وكان الإنسان عجولًا.
أحاول بصعوبة تجاهل خبر الطبيبة الغزَّاوية التي فقدت أبناءها التسعة، هذه الأخبار لا تزيدني إلا نقمًا على حالي، ولكني فقدت التعجب منذ مدة، فلا أظن السابقون قد فاقوا اللاحقين من أهل غَزّة في شيءٍ بعد كل ما عاشوه من هذا الجحيم الأرضي. هناك من يقول: أن صديقه في بداية الحرب فقد 9 من أبنائه وزوجتيه، وأمه وأبيه، وإخوته الذكور الأربعة؛ اثنين منهم بعائلاتهم، وبعض أخواته البنات وعمته، كلهم دفعةً واحدةً، ولم يتبق له إلا ولدين فقط، ثم تسألني بوقاحة: كيف يطيق الإنسان أن ينام ليلته مثقلًا بهمومه الشخصية؟

هذا العالم النجس لا يليق به إلا الهلاك.
أحسب أن 90 ٪ من غوغائية السوشل ميديا، والتطرف والإقصاء الحاد عند الاختلاف، والتصدع في الثقافة والهوية العربية الإسلامية وتقديس الليبرالية الغربية، يطويها هذا الكتاب بين صفحاته؛ منذ نشأتها الأولى في تناول الأئمة الأوائل كالغزالي وابن تيمية وابن خلدون تأثير متفلسفة الإغريق، حتى هيمنة الرجل الأبيض وثقافته على عقول الشباب العربي المعاصر.
المرءُ سجينُ مَخاوفه، وقد رأيت الناس عمومًا سجناء لشيءٍ ما: للقلق والكسل وقلة الحيلة، والبيئة والمكان والدراسة، وبعضهم سجناء لآمالهم وأحلامهم التي لم يبلغوها، ومنهم سجين قلبه وحبه وفقده، وآخرون يجهلون أي الأسوار تحديدًا تحيط بهم، لكنهم مقيدون بظلالها. يبدو في النهاية أن السجن واحد وإن اختلفت أسواره، ولا يتحرر إلا محاول آمن وارتجلَ الشجاعة.
أحمل في طبعي الكثير من اللِّين، ويَرتديني قناعٌ قاسٍ من الكبرياء.
من تمام كمال المرء، والإيمان الداعم لاتِّزانه النفسي؛ أن يَتقبّل ألا يُتقبّل ولا يسعى بين هذا وذاك لنيل القُبول، وأن يرضى بسخط الناس كما يرضى محبتهم، وأن يبصر ما في نفسه من مواطن القوة والضعف ما يجنِّبه أن يُؤذِي، وأن يُؤذَىٰ، وما يعينه على تحمل الأذىٰ.
الإنسان محادثة، ربما لهذا اشتق لفظه من ”الأُنس“، في خلق تواصلٍ حميمٍ مع من يحب ويرافق. فمرآة الذات ليست في الوَحدة التي تُفرض عليه أو يضطر إليها لتزكية نفسه وتهذيبها فقط، ولكن أيضًا في صديق أو زوج/ة يسامره ويستقبل نصحه ودعمه ورأيه ومؤازرته في السراء والضراء، رفيق يشاركه صفو الحياة وكدرها، يؤنس وحشته ويصاحب طريقه ويقيل عثرته، وهذا جوهر الإنسانية.
عبد الرحمن القلاوي
Photo
‏يا رب مَننت على عبدك الفقير بعُمرةٍ في رمضان بغير حولٍ منه، عساها تعدِلُ حَجَّةً لم يستطع سبيلًا إليها بَعد. فيا رب هبه من لدنك العزيمة ليلبِّي، والاستطاعة ليحج، والإخلاص ليُقبل منه.

في عفوٍ وعافيةٍ، عاجلًا غير آجلًا، مع من يحب.
حين أفتح عيني صباحًا أجلس على سريري 5 دقائق، أريح قدمي على الأرض، ويمر خلالها شريط حياتي كاملًا أمام عيني؛ منتهى آمالي وأحلامي ومخاوفي وذنوبي وآثامي وخيباتي الثقال، ومستقبلي الغامض، وتجاربي المجهولة، وأفكر طويلًا في الحب والحرب والموت ويوم القيامة والخلود السرمدي، ثم أستسلم لحاضري وأقوم حتى لا أغرق.
يتنفس الفجر فيتّسع صدري لنسيمه.
العدو الذي قصف أمس بالطائرات لن يدخر اليوم قذائف الدبابات، والجبناء الذين يحرقون النساء والأطفال طيلة العام لن تنهاهم الآن الأشهر الحُرم. المجازر لن تتوقف، والعالم السافل لا يأبه إلا لقضاياه وحرياته وسلامه المزعوم، والأمة في قلب القصعة قد تَدَاعت عليها الأكلة بعد أن أصابها الوَهن، ونُزعَ الرعب من قلوب أعدائها.
وهي من الجمال كنسيم ليلٍ في صيفٍ قائظٍ، يتنفس به ليخفف حرّ البيداء السحيقة المجدبة.
أول شروق في سكني الجديد بعد 5 تنقلات في 4 مدن خلال عامين إلا قليل، شقة علوية صغيرة أحببتها لأنها تذكرني بسطح بيتي الذي ألِف طباعي الانطوائية التي تمقت المدينة وزحامها وصخبها وتعيش كالطير تحت السماء بلا حجب، لكن لم أتخيل أن يهذبها السفر والترحال ويسوقها لتجربة كل غريب عنها بكل هذا التناقض.
"You have gold in your hands".
يحيطني الكثير من الخوف، لكني جاهدًا أرتَجلُ الشجاعة.
HTML Embed Code:
2025/06/27 15:32:20
Back to Top