TG Telegram Group Link
Channel: زيد اولاد زيان
Back to Bottom
” وأما أهل الأندلس فلمّا كثُر الشعر في قُطرهم وتهذّبَت مناحيه وفُنونه، وبلغ التنميقُ فيه الغاية، استحدث المتأخرون منهم فنّا منه، وسمَّوه بـالموشَّح، ينظِمونه أسماطاً أسماطاً، وأغصاناً أغصانا، يُكثرون منها ومن أعاريضها المختلفة، ويسمّون المتعدّد منها بيتاً واحداً، ويلتزمون عدد قوافي تلك الأغصان وأوزانها متتالياً فيما بعد، إلى آخر القطعة؛ وأكثر ما ينتهي عندهم إلى سبعة أبيات، ويشتمل كل بيت على أغصان، عددها بحسب الأغراض والمذاهب، وينسبون فيها ويمدحون كما يُفْعَل في القصائد، وتَجَاوَزُوا في ذلك إلى الغاية، واستظرَفه الناس جملةً الخاصةُ والكافة، لسهولة تناوُله، وقُرب طريقه. وأما المشارقة فالتكلُّف ظاهر على ما عانَوه من الموشّحات.
ولمّا شاع فن التوشيح في أهل الأندلس، وأخذ به الجمهور لسلامته وتنميق كلامه، وتصْريع أجزائه، نسجت العامة من أهل الأمصار على منواله، ونظموا على طريقته بلغتهم الحَضَرية، من غير أن يلتزموا فيه إعرابا، واستحدثوا فنا سموه بـالزَّجَل، والتزموا النظم فيه على مناحيهم إلى هذا العهد، فجاءوا فيه بالغرائب، واتّسع فيه للبلاغة مجال، بحسب لغتهم المستعجِمة.
وهذه الطريقة الزجلية لهذا العهد، هي فَنّ العامة بالأندلس من الشعر، وفيها نظمُهم، حتى إنهم ليَنظِمون بها في سائر البحور الخمسة عشر، لكن بلغتهم العامية، ويسمونه الشعر الزجلي.
ثم استحدث أهل الأمصار بالمغرب فَنَّا آخر من الشعر، في أعاريض مزدوجة كالموشّح، نظموا فيه بلُغتهم الحضرية أيضا، وسمَّوه عَروض البلد، وكان أول من استحدثه بينهم رجل من أهل الأندلس نزل بفاس، يُعرف بابن عُمير، فنظم قطعة على طريقة الموشح، ولم يخرج فيها عن مذهب الإعراب إلا قليلا. فاستحسنه أهل فاس، وَوَلِعوا به، ونَظَمُوا على طريقته، وتركوا الإعراب الذي ليس من شأنهم، وكثُر شِياعه بينهم، واستفحل فيه كثير منهم، ونوَّعوه أصنافا، إلى المزدوِج، والكازي، والملعَبة، والغَزَل؛ واختلفت أسماؤها باختلاف ازدواجها، وملاحظاتهم فيها.
وأما أهل تونس، فاستحدثوا من الملعبة أيضا على لغتهم الحضرية، إلا أن أكثره رديء. وكان لعامة بغداد أيضا فنّ من الشعر يسمونه المَواليَّا، وتحته فنون كثيرة، يسمون منها القُوْما، وكانْ وكانْ، ومنه مفرد، ومنه في بيتين، ويسمونه دُوبَيْت، على اختلاف الموازين المعتبرة عندهم في كل واحد منها، وغالبها مزدوِجة من أربعة أغصان، وتبِعهم في ذلك أهل مصر والقاهرة، وأتَوا فيها بالغرائب، وتجارَوا فيها بأساليب البلاغة، بمقتضى لغتهم الحضَرية، فجاءوا بالعجائب.
واعلم أن الذوق في معرفة البلاغة منها كلِّها إنما يحصُل لمن خالط تلك اللغة، وكثُر استعماله لها، ومخاطبتُه بين أجيالها، حتى تحصُل ملَكتها، كما قُلناه في اللغة العربية، فلا يشعر الأندلسي بالبلاغة التي في شعر أهل المغرب، ولا المغربي بالبلاغة التي في شعر أهل الأندلس والمشرق، ولا المشرقي بالبلاغة التي في شعر أهل الأندلس والمغرب؛ لأن اللسان الحضري وتراكيبه مختلفة فيهم، وكل واحد منهم مدرك بلاغة لغته، وذائق محاسن الشعر من أهل بلدته، وفي خلق ط السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَاف أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ آيَاتٍ للْعَالِمِينَ. “

➖️ العلامة ولي الدين عبد الرحمن ابن خلدون الإشبيلي (تـ 808هـ)، باختصار
” عدتُ إلى باريس، وبشكل خاص بنيّة دراسة الإلهيات. كان غيوم، الذي شرع لبعض الوقت في تدريسها قد صنع له اسمًا من جرّاء ذلك في أسقفيّته في شالون، وهو الذي تلقَّى من قبلُ، دروسًا من أنسلم دي لاوون، ذلك الأستاذ الأكثر موثوقية في ذلك الإبّان.
ذهبت إذا للاستماع إلى هذا الشيخ المُبجِّل. في الحقيقة، كان مَدينا بسمعته إلى ما اعتاد عليه الناس، وليس إلى ذكائه أو ما تختزِنه ذاكرته. من كان يسأله لمعرفة رأيه في مسألة مشكوك في أمرها، يعود وهو في حَيْرة من أمره أكثر فأكثر. وسط الجمع يظهر رائعًا، لكن إذا سُئل ينكشف عَيْبه. كان بارعًا في الإطناب، لكن مضمون كلامه كان تافها، بلا معنى. كانت شُعلته تُدخِن البيت بدَلا من إضاءَته. كان مثل شجرة مورِقة تلفت الأنظار من بعيد، لكن بالنظر إليها عن كثب تجدها عقيمة. عندما اقتربت منه لأقطف ثمرتها، وجدتها شبيهة بشجرة التين العقيمة التي لعنها المسيح... وبعدما أدركتُ ذلك، لم أبقَ خاملاً لمدة طويلة تحت ظلّه. “

➖️ بيار أبيلار (Pierre Abélard) (تـ 1142م/536هـ)
” أن تكون التعبيرات اللسانية "دالّة": ما الذي يعنيه ذلك؟ أميّز ثلاث إجابات ممكنة. بحسب الأولى، فعل يدلّ هو (بالنسبة لتعبير لغويّ ما) أن يكون متشاركاً مع تمثُّلات ذهنية. بالنسبة للثانية، فعل يدلّ معناه "القيام بالإحالة"، أي الإحالة إلى شيء ما في العالم إلى واقع غير لغوي (موضوع، خاصية، أو حالة أشياء). وأخيرا في ما يتعلق بالإجابة الثالثة، فعل يدُلّ، يفيد القيام بدور متميّز في هذا النشاط الاجتماعي المتمثل في الكلام. “

➖️ فيلسوف اللغة فرانسوا ريكاناتي (François Recanati)
” معنى الشوق اهتياج القلوب إلى لقاء المحبوب، وعلى قدر المحبة يكون الشوق، وفرّق بعضُهم بين الشوق والاشتياق؛ فقال: الشوق يُسكّن باللقاء والرؤية، والاشتياق لا يزول باللقاء، وأنشدوا:
ما يرجِعُ الطّرْفُ عنهُ عندَ رُؤيَتِهِ
حتّـى يعُـودَ إليهِ الطّرفُ مُشتاقا
وما ذكَرَه يقرُب من قول بعضهم: كلُّ محبوب وهو مُشتاق إليه في غَيبته لا محالة، فأمّا الحاصل الحاضر فلا يُشتاق إليه، فإنّ الشوق طلب وتشوُّف إلى نيل أمرٍ، والموجودُ لا يُطلَب. وبيانه في الشاهِد إنّ الشّوق لا يُتصوّر إلا إلى شيءٍ أُدرِك من وجهٍ ولم يُدرَك من وجهٍ، وأما ما لا يُدرك أصلا فلا يُشتاق إليه أصلا، وما أُدرِكَ بكماله فلا يُشتاق إليه في حال الإدراك “

➖️ العلامة ابن أبي العيش التلمساني (تـ بعد 654هـ)
لو ترجعُ الأَيامُ بَعدَ الذَّهابْ
لَمْ تَقدَحِ الأَشْوَاقَ ذِكْرَى حَبِيبْ
وكلُّ مَنْ نَامَ بِلَيْلِ الشَّبابْ
يُوقِظهُ الدَهْرُ بِصُبح المَشيبْ

يا راكبَ العـجز ألا نهـضةٌ
قد ضَيّقَ الدَهْرُ عَلَيكَ الْمجَالْ
لا تَحسِبَنْ أَنَّ الصِّبَا رَوْضَةٌ
تَنَامُ فِيهَا تَحتَ فَيءِ الظِّلالْ
فالعيش نوم والرَّدَى يَقْظَةٌ
والمرءُ مَا بَيْنَهُـمَا كَالْخَيـالْ

والعُمر قَد مَرَّ كَمَرّ السّحابْ
والمُلتقى بالله عَمَّا قريبْ
وأَنتَ مخدُوع بلمعِ السّرابْ
تَحْسِبُهُ مَاءً وَلَا تَستَرِيبْ

واللهِ ما الكونُ بمَا قَد حَوَى
إلا ظِلال تـوهِـم الـغـافِـلا
وعَادَةُ الظّـلّ إِذَا مَا اسْتَـوَى
تُبـصِــرهُ مُنْتَـــقِــلاً زائــلا
إِنَّـا إِلَـى اللهِ عَـبِيــدُ الْهَـوَى
لَم نَعرِفِ الْحَقّ وَلَا الْبَاطِلا

➖️ الإمام ابن زَمرَك الغرناطي (تـ بعد 790هـ)، من موشحة مديحيّة
” لم تكُن روحي مُعافاة، بل كانت متقرّحة، تنقذِف إلى الخارج، راغبةً ببؤسٍ في الاحتكاك بعَدوى المحسوسات. لكن لو لم تكُن لهذه المحسوسات روح، ما كُنّا لنحبّها “

➖️ القديس أوغسطين (تـ 430م)
” ... كان عليّ ان أتميّز في ذلك المجال الذي تُقاس فيه براعة المرء بقُدرته على الخداع والكذب. فـعَمى البشر هو من العظمة، بحيث أنهم يتباهَون أيضا بِعَماهُم! “

➖️ القديس أوغسطين (تـ 430م)
” لماذا يصبح الإنسان غِنائيّا خلال التألّم وأثناء الحب؟ لأنّ هاتين الحالتين، رغم اختلافهما في الطبيعة والتوجُّه، تنبثقان بشكل ما من أعماق الكائن، من المركز الجوهري للذاتيّة. نحن غنائيّون منذ اللحظة التي تصبح فيها الحياة بداخل الذات تَخفق وفق إيقاعٍ جوهري “

➖️ إميل سيوران
زيد اولاد زيان
” لماذا يصبح الإنسان غِنائيّا خلال التألّم وأثناء الحب؟ لأنّ هاتين الحالتين، رغم اختلافهما في الطبيعة والتوجُّه، تنبثقان بشكل ما من أعماق الكائن، من المركز الجوهري للذاتيّة. نحن غنائيّون منذ اللحظة التي تصبح فيها الحياة بداخل الذات تَخفق وفق إيقاعٍ جوهري “…
عمق قول سيوران يمكن أن يتبدّى في إثارته عدّة أفكار:
– أن ثمّة حالاتٍ بشريّة، يمكن أن تتبدّى مختلفة في طبيعتها، أو حتى متناقضة، لكنها تكون بنفس الوقع من حيث ما تثيره في النفس، وهذا مدعاة للتأمّل في المشترك بين هذه الحالات؛
– أن ثمّة حالات بشرية أيضا، تنبثق من أعماقنا بالتحديد؛ وهي التي نشعر فيها أننا، وأخيرا، وفجأة، تخلّينا عن كل البهرج والاستعلاء والكِبر الذي لا يناسب بشريّتنا، ونشعر أننا نعود لمنطقة عميقة من ذواتنا وأنفسنا، وكأننا نطأ جوهرنا الحقيقي مرة أخرى؛ ومن الواضح أنّ الآلام لها هذا الوقع.
هبّ النسيم بطِيب ذكر الهادي
فتأرّجَت نفحات عَرف النادي
يا شادياً تشدو بمـدح محمّـد
كرِّر فديتُـك مدحَـه يا شـادي
كرِّر على الأسماع ذِكر محمـد
فلِـذِكـره بــردٌ علـى الأكـبـادِ
وأعِد علينا نظم فخر خِلال مَن
بهَر الورى من حاضرٍ أو بادي
هو ذِروة المجد الأصيل وقطبُه
هو صفوة الأشراف والأمجادِ
هو بحر جودٍ فاض عذْب نَوالـه
وصـفَـت مـوارِده لـدى الوُرّادِ
هو خير خلق الله والمُختار مِن
أعلـى نِـجارٍ جـلّ عـن أنــدادِ
هو مُنتهى أملي ومَلجأ مفزعي
هو شمس إيماني وبدر رَشادي
هو عِصمـتي مما أخاف وحبّـه
يوم القيامة للخُطوب عِمادي
إشـراق كل النَّيِّـرات وحُسنُـهـا
من نور حُسن شِهابـه الوقّـادِ
لا تَعجَبوا فعناية المُختـار قـد
خرَقت قياسَ العقل في المُعتادِ

➖️ الشاعر المتصوّف، أبو عبد الله محمد، ابن الصبّاغ الجُذاميّ (عاش في ق 7هـ)
” ينبثق الشغف بالعبثية عند الفرد الذي أُفرغ من كلّ شيء، رغم قدرته على احتمال فظاعات تحول مستقبلي. يبقى هذا الشغف الملاذ الأخير لمن خسر كل شيء. أي سحر يمكن أن يُغويه؟ “

➖️ إميل سيوران
” حكى غيرُ واحد أنه وُجد بخط الناصر [الأموي خليفة الأندلس (تـ 350هـ)] –رحمه الله–: أيام السرور التي صفَت له دون تكدير يومُ كذا من شهر كذا من سنة كذا، ويوم كذا من كذا، وعُدّت تلك الأيام، فكانت أربعة عشر يوماً.
فاعجَب أيها العاقل لهذه الدنيا وعدم صفائها، وبخلها بكمال الأحوال لأوليائها. هذا الخليفة الناصر حلف السُّعود، المضروب به المثل في الارتقاء في الدنيا والصُّعود؛ ملكها خمسين سنة وستة أو سبعة أشهر وثلاثة أيام، ولم تصفُ له إلا أربعة عشر يوماً، فسُبحان ذي العزة القائمة، والمملكة الدائمة، تبارك اسمه وتعالى، لا إله إلا هو. “

➖️ العلامة أبو العباس أحمد المقّري التلمساني (تـ 1041هـ)
فلا تبغيَن فيها مُناخا لراكبٍ
فقد قلَصَت منها ظِلال وأفياءُ
ومن عجَبٍ أن طال سُقمي ونزعُها
وقُسّم أضنـاءٌ علينـا وأطنـاءُ
وكم أرجَفوا غيظا بها ثمّ أرجئوا
فيكذِب إرجافٌ ويصدُق إرجاءُ
يردّدها عُيّابُها الدهرَ مثلَما
يردّد حرفَ الفاء في النطق فأفاءُ
فيا منزِلا نال الرّدى منه ما اشتهى
تُرى هل لعُمر الأُنس بعدَكَ إنسـاءُ
وهل للَظى الحرب التي فيك تلتظي
إذا ما انقضَت أيام بؤسك إطفاءُ
وهل لي زمانٌ أرتجي فيه عودةً
إليكَ ووجهُ البِشـر أزهَــرُ وضّـاءُ

➖️ الإمام الأديب أبو عبد الله محمد بن عمر، ابن خميس الحجْريّ الرعيني التلمساني (تـ 708هـ)، في أزمة حصار تلمسان من طرف السلطان المريني
” وإذ لا نعتقد في شيء، فإننا ننجو من الخطأ، بينما ننتظر. ولكن حتى هنا، لا نستطيع في كثير من الأحيان أن ننتظر، لا بدّ لنا من أن نعمل، على نحو ما، ولكن نعمل على أكثر الفروض رُجحانا، واثقين أن ما يحدث سيدُلّ على أننا حكماء “

➖️ ويليام جيمس (تـ 1910م)
فلا مدحَ إلا للّذي بمَديحِه
تُطيع إذا ما كنتَ بالمدح عاصيا
رسولٍ براه الله من صفوِ نورهِ
وألبسَه بُـردا من النـور ضافيـا
وما زال ذاك النور من عهد آدمٍ
يُنير بـه الله العصـور الخواليـا
ثوى في ظُهور الطيّبين يَصونُهُ
وديعةَ سرّ صار بالبعث فاشيـا
وخصّ بطون الطّيّبات بحمله
ليحمِلنَ فرعا بالسيـادة زاكيـا
به وزنَ الله الخلائق كلّهُم
فألفاه فيهم راجِح الوزن وافيا
وأنقذَنا من ناره بظُهوره
ولولاه كان الكلّ بالشرك صاليا

➖️ الشاعر المتفنن أبو عمرو ميمون ابن خبّازة الخطابي الصنهاجي الفاسيّ (تـ 637هـ)
HTML Embed Code:
2025/06/26 18:01:47
Back to Top