TG Telegram Group Link
Channel: زاد الطريق
Back to Bottom
🔺﴿هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِی لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَۖ عَـٰلِمُ ٱلۡغَیۡبِ وَٱلشَّهَـٰدَةِۖ}

الجمع بين انفراد الله بالألوهية وبين انفراده بالعلم متكرر في القرآن، قال تعالى في سورة طه:

﴿إنَّما إلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لا إلَهَ إلّا هو وسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾

وقال في آية الكرسي: 

﴿اللَّهُ لا إلَهَ إلّا هو الحَيُّ القَيُّومُ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿يَعْلَمُ ما بَيْنَ أيْدِيهِمْ وما خَلْفَهم ولا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِن عِلْمِهِ إلّا بِما شاءَ﴾

فإحاطة علمه سبحانه بكل شيء، وانفراده سبحانه بعلم الغيب والشهادة من أكبر الأدلة على أن حَقه عَلى خَلْقِهِ أنْ يَعْبُدُوهُ وحْدَهُ لا إلَهَ إلّا هو.
🔺 {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إلَهَ إلّا هو المَلِكُ}

لا ينكسر العاقل إلا للملك الذي بيده الملك، ولا يقف إلا ببابه، ولا يذل لغيره، ولا يصرف تأليه قلبه لغيره، فملكه لكل شيء من أكبر الأدلة على أن حقه على خلقه أن يعبدوه وحده لا إله إلا هو.
🔺 لابن القيم كلام مهم جدا في اسم الله السلام، تنبغي مراجعته باستمرار،  وهذا هو:

قال رحمه الله بعد كلام :

وإذا عرفت هذان فإطلاق السلام على الله تعالى اسما من أسمائه هو أولى من هذا كله وأحق بهذا الاسم من كل مسمى به؛ لسلامته سبحانه من كل عيب ونقص من كل وجه، فهو السلام الحق بكل اعتبار والمخلوق سلام بالإضافة، فهو سبحانه:

🔸 سلام في ذاته عن كل عيب ونقص يتخيله،
🔸 وهو سلام في صفاته من كل عيب ونقص
🔸 وسلام في أفعاله من كل عيب ونقص وشر وظلم وفعل واقع على غير وجه الحكمة،

بل هو السلام الحق من كل وجه وبكل اعتبار ، فعلم أن استحقاقه تعالى لهذا الاسم أكمل من استحقاق كل ما يطلق عليه، وهذا هو حقيقة التنزيه الذي نزه به نفسه ونزهه به رسوله،

🔸 فهو السلام من الصاحبة والولد

🔸 والسلام من النظير والكفء والسمي والمماثل،

🔸والسلام من الشريك،

ولذلك إذا نظرت إلى أفراد صفات كماله وجدت كل صفة سلاما مما يضاد كمالها:

🔹 فحياته سلام من الموت، ومن السنة والنوم،

🔹وكذلك قيوميته وقدرته سلام من التعب واللغوب.

🔹وعلمه سلام من عزوب شيء عنه أو عروض نسيان أو حاجة إلى تذكر وتفكر

🔹 وإرادته سلام من خروجها عن الحكمة والمصلحة.

🔹وكلماته سلام من الكذب والظلم، بل تمت كلماته صدقا وعدلا .

🔹وغناه سلام من الحاجة إلى غيره بوجه ما، بل كل ما سواه محتاج إليه وهو غني عن كل ما سواه .

🔹وملكه سلام من منازع فيه أو مشارك أو معاون مظاهر أو شافع عنده بدون إذنه

🔹وإلهيته سلام من مشارك له فيها بل هو الله الذي لا إله إلا هو. 

🔹وحلمه وعفوه وصفحه ومغفرته وتجاوزه سلام من أن تكون عن حاجة منه أو ذل أو مصانعة كما يكون من غيره، بل هو محض جوده وإحسانه وكرمه.

🔹 وكذلك عذابه وانتقامه وشدة بطشه وسرعة عقابه سلام من أن يكون ظلما أو تشفيا أو غلظة أو قسوة، بل هو محض حكمته وعدله ووضعه الأشياء مواضعها، وهو مما يستحق عليه الحمد والثناء كما يستحقه علي إحسانه وثوابه ونعمه، بل لو وضع الثواب موضع العقوبة لكان مناقضا لحكمته ولعزته، فوضعه العقوبة موضعها هو من عدله وحكمته وعزته.فهو سلام مما يتوهم أعداؤه والجاهلون به من خلاف حكمته.

🔹 وقضاؤه وقدره سلام من العبث والجور والظلم ومن توهم وقوعه على خلاف الحكمة البالغة.

🔹 وشرعه ودينه سلام من التناقض والاختلاف والاضطراب وخلاف مصلحة العباد ورحمتهم والإحسان إليهم وخلاف حكمته، بل شرعه كله حكمة ورحمة ومصلحة وعدل.

🔹وكذلك عطاؤه سلام من كونه معاوضة أو لحاجة إلى المعطي، ومنعه سلام من البخل وخوف الإملاق بل عطاؤه إحسان محض، لا لمعاوضة ولا لحاجة، ومنعه عدل محض وحكمة لا يشوبه بخل ولا عجز.

🔹واستواؤه وعلوه على عرشه سلام من أن يكون محتاجا إلى ما يحمله أو يستوي عليه، بل العرش محتاج إليه وحملته محتاجون إليه، فهو الغني عن العرش وعن حملته وعن كل ما سواه، فهو استواء وعلو لا يشوبه حصر ولا حاجة إلى عرش ولا غيره، ولا إحاطة شيء به سبحانه وتعالى، بل كان سبحانه ولا عرش، ولم يكن به حاجة إليه، وهو الغني الحميد، بل استواؤه على عرشه واستيلاؤه على خلقه من موجبات ملكه وقهره من غير حاجة إلى عرض ولا غيره بوجه ما.

🔹 ونزوله كل ليلة إلى سماء الدنيا سلام مما يضاد علوه، وسلام مما يضاد غناه وكماله، سلام من كل ما يتوهم معطل أو مشبه، وسلام من أن يصير تحت شيء أو محصورا في شيء.تعالى الله ربنا عن كل ما يضاد كماله وغناه وسمعه وبصره، سلام من كل ما يتخيله مشبه أو يتقوله معطل.

🔹 وموالاته لأوليائه سلام من أن تكون عن ذل كما يوالي المخلوق المخلوق، بل هي موالاة رحمة وخير وإحسان وبر كما قال: ﴿وَقُلِ الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ ولَدًا ولَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ في المُلْكِ ولَمْ يَكُنْ لَهُ ولِيٌّ مِنَ الذُّلِّ﴾فلم ينف أن يكون له ولي مطلقا، بل نفي أن يكون له ولي من الذل.

🔹 وكذلك محبته لمحبيه وأوليائه سلام من عوارض محبة المخلوق للمخلوق من كونها محبة حاجة إليه أو تملق له أو انتفاع بقربه، وسلام مما يتقوله المعطلون فيها.

🔹 وكذلك ما أضافه إلى نفسه من اليد والوجه، فإنه سلام عما يتخيله مشبه أو يتقوله معطل.

فتأمل كيف تضمن اسمه السلام كل ما نزه عنه تبارك وتعالى، وكم ممن حفظ هذا الاسم لا يدري ما تضمنه من هذه الأسرار والمعاني والله المستعان المسؤول أن يوفق للتعليق على الأسماء الحسنى على هذا النمط إنه قريب مجيب.

تفسير ابن القيم لآية ٢٣ من سورة الحشر
🔺 (فصل): من أسمائه (الملك)

ومعنى الملك الحقيقي ثابت له سبحانه بكل وجه، وهذه الصفة تستلزم سائر صفات الكمال؛ إذ من المحال ثبوت الملك الحقيقي التام لمن ليس له حياة ولا قدرة ولا إرادة ولا سمع ولا بصر ولا كلام ولا فعل اختياري يقوم به، وكيف يوصف بالملك من لا يأمر ولا ينهى ولا يثيب ولا يعاقب ولا يعطي ولا يمنع ولا يعز ويذل ويهين ويكرم وينعم وينتقم ويخفض ويرفع ويرسل الرسل إلى أقطار مملكته ويتقدم إلى عبيده بأوامره ونواهيه، فأي ملك في الحقيقة لمن عدم ذلك؟!
وهذا يبين أن المعطلين لأسمائه وصفاته جعلوا مماليكه أكمل منه، ويأنف أحدهم أن يقال في أمره وملكه ما يقوله هو في ربه، فصفة ملكية الحق مستلزمة لوجود ما لا يتم التصرف إلا به، والكل منه سبحانه، فلم يتوقف كمال ملكه على غيره، فإن كل ما سواه مسند إليه متوقف في وجوده على مشيئته وخلقه.

تفسير ابن القيم لآية ٢٣ من سورة الحشر
🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺🔺
وقفة من اسم الله المؤمن:
🔺 نزِّه الله تعالى عن أقوال قليلي المعرفة بكماله، الذين جعلوا اتهامه ديدنهم فلا تسمع أحدهم إلا قائلًا: ليس لي حظ في الزواج!
ليس لي حظ في العمل!
ليس لي حظ في الأولاد!
وهكذا شأنه دائمًا لا يرى نفسه إلا مظلومًا قد اجتمعت عليه كل الأسباب، وقد عَشَتْ عيناه عن آلاء ربه ومولاه، ولسان حاله ومقاله يتهم ربه أنه ما عدل في توزيع الحظوظ، ولو فكر باسمه (المؤمن)؛ لعلم تمام العلم أنه قد أمَّن عباده من الظلم، وأن ما يجري عليه من أقدار إنما قدرها عليه ربه ببالغ حكمته ليرفعه بها في الآخرة، ولكن العيون التي تعشو عن الآخرة تجني على صاحبها جناية ما بعدها جناية، إذ أنها بفعلها ذاك تقلب حياته الدنيا إلى جحيم وضنك لا يطاق، وليت الأمر توقف على الدنيا فقط!

حين تنظر للحظوظ لا تنظر إلى من كثر عطاء الله له على أنه ذو حظ عظيم، فهذا تفكير قوم قارون، وليس تفكير المؤمنين باسم المؤمن، ولكن اعلم أنه ما ضاق عليك أمر هنا إلا ليكون رصيدًا لك في الآخرة، واعلم أن كل قدر يمر عليك هنا فإنه يدفعك لبناء مستقبلك الحقيقي هناك:

- يضيق عليك المال؛ فتصبر؛ فتبني بصبرك مستقبلك في الآخرة!

- يضيق عليك بصرف قلب زوجك عنك؛ فتصبر؛ فتبني مستقبلك في الآخرة!

- تصيبك مصيبة العقم؛ فتفرغ للعلم والطاعات؛ فتبني مستقبلك في الآخرة!

وهكذا كل إنسان تُقدَّر عليه أقدار تناسبه؛ ليعظم نصيبه وحظه في وطنه الحقيقي، فلا تضيع فرصك، ولا تحول ما فتحه الله لك من أبواب للعلو في الآخرة إلى مضائق تغلق بها على نفسك!

ليس كل أحد ينتفع من أقدار الله عليه؛ فكن كأولئك الذين أوتوا العلم في قصة قارون حين قالوا لمن لم يعرف كيف ينظر لعطايا الله: {وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ} .
أي: ما ينتظرك أيها المؤمن عند الله خير من كل ملك قارون، فتدبر، وانتفع، وتاجر مع الله لتصفو لك الدنيا والآخرة.
واعلم أن كل ما قدر لك هو الذي يناسبك بكل دقة:
فلو زاد عمرك يوما لفسدت!
ولو زاد مالك درهما لطغيت!
ولو زاد أولادك ولدا لشقيت!
حتى جارك، وحيك، وتفاصيل تفاصيل حياتك مناسبة لك، فاغتنمها مقربات إلى الله، واعلم أنك مختبر أترضى عنه عند النقص، وتشكره عند العطاء، أم تكون كقوم سبأ الذين ملُّوا نعم الله عليهم وبطروها؟!


من اسم المؤمن

https://hottg.com/zadaltareq/1205
🔺 شهر رمضان شهر إطعام الروح، لا إطعام البدن.
🔺 سماع القرآن عبادة، لأن الله أمر بها، وهذا يعني أن للسماع دورا كبيرا في دخول المعاني إلى الوجدان، خصوصا إذا تكرر سماع السورة، فإن التكرار يجعل معاني السورة تختلط بلب العبد، ويجعل ألفاظ السورة تجري على لسانه.
🔺 { الحمد لله}

حين تقرأ في القرآن كلمة:  { الحمدلله} تذكر أن الله تعالى يريد منك أن تعتقد و تقرر أن الله وحده الذي يستحق الحمد، و له الحمد كله، تقريرا يمنع القلب عن الالتفات لغيره سبحانه.

من مدارسة سورة فاطر
🔺 علَّمنا سبحانه وتعالى أنه يستحق الحمد وحده كي لا تتشتت قوانا بالتعلق بغيره حبًّا وخوفًا ورجاءً.
🔺 مراجعة ركن الإيمان بالملائكة يزيد الإيمان، ويغير الكثير من التفكير، ويحبب العبد بهم، فللملائكة علاقة وطيدة كبيرة بأمورنا المادية والمعنوية،
فلا تبخلوا على أنفسكم بالمراجعة المستمرة لهذا الركن العظيم من أركان الإيمان.
🔺 الأمثال القرآنية نعمة ربانية، يستفيد منها الإنسان فوائد عظيمة، لأن ما يبحث عنه الإنسان دائما هو الحق - إن كان صادقا- وفي الأمثال تتجلى له الحقائق المعنوية من خلال مقارنتها بالحقائق الحسية.

يفهم الصورة الحسية للمثل، وينفذ من خلالها إلى ما ورائها، وهذا من أهم فوائد الأمثال، حيث يصبح المثل مادة تدور في الوجدان يفكر فيها الإنسان، ويرى وجه الشبه بين الأحوال التي يمر بها وبين هذا المثال، ويفهم منه أمورا كانت غائبة عنه في تفاصيل الموضوع، فيرى الحقائق الوجدانية منصوبة أمامه كأنها تمثال ينظر إليه. 

ولهذا قال تعالى فيها: {وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ}، فهي تحتاج إلى نوع من التفكير والتدبر والفهم، وفيها من تنشيط الذهن، وتغذية العقل، واختصار المفاهيم ما فيها.

الدروس التربوية من الأمثال ١
🔺﴿مَثَلُهُمۡ كَمَثَلِ ٱلَّذِی ٱسۡتَوۡقَدَ نَارࣰا فَلَمَّاۤ أَضَاۤءَتۡ مَا حَوۡلَهُۥ ذَهَبَ ٱللَّهُ بِنُورِهِمۡ وَتَرَكَهُمۡ فِی ظُلُمَـٰتࣲ لَّا یُبۡصِرُونَ﴾ [البقرة ١٧]

هذا مثلٌ يبين أن المنافق مثل تائه في سفر، والظلام يلفه، فاستوقد نارا، فجاء من النار نور، فرأى ماحوله، وتبين له أين يضع قدمه فأمن من الخوف، لكنه ترك تغذية النار بالحطب فأنطفأت تلك النار وهو أحوج ما يكون إلى بقائها، فعاد إلى الظلمة والخوف والارتباك. 


هذا شق المثل الحسي، يبين وضع هذا المسافر بليل، الظالم لنفسه، لينفذ بنا إلى شق المثل المعنوي الذي يراد بيانه حق البيان، فالمنافقون آمنوا ( استوقدوا نارا)، فأضاءت لهم: رأوا أثر الإيمان، رأوا الحقائق كلها، عرفوا ربهم، عرفوا دنياهم، عرفوا أخراهم، ثم بعد هذا كله تركوا تغذية إيمانهم، تركوا أسباب زيادة الإيمان، فكان أسوأ أثر لذلك هو أن ذهب الإيمان وترحل عنهم، فالإيمان مثل النار يحتاج إلى وقود ليبقى نوره.

الصورة الحسية للمثل تقول لك: كما أن هؤلاء المسافرين لم يضعوا في نارهم حطبا يُبقيها مشتعلة، فكانت النتيجة أن انطفأت النار،  فكذلك أهل النفاق لم يأتوا بسبب يبقي إيمانهم مشتعلا، فكانت النتيجة أن انطفأ الإيمان.

الدروس التربوية من الأمثال ١
🔺 {أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ ۚ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ}
﴿یَكَادُ ٱلۡبَرۡقُ یَخۡطَفُ أَبۡصَـٰرَهُمۡۖ كُلَّمَاۤ أَضَاۤءَ لَهُم مَّشَوۡا۟ فِیهِ وَإِذَاۤ أَظۡلَمَ عَلَیۡهِمۡ قَامُوا۟ۚ وَلَوۡ شَاۤءَ ٱللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمۡعِهِمۡ وَأَبۡصَـٰرِهِمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرࣱ﴾ [البقرة ٢٠]


هذا مثلٌ يصور غيثا منهمرا في ليلة ذات رعود وبروق، الغيث فيه منافع جمة، والظلمة والرعد والبرق فيها مايخيف، حتى يسد الإنسان أذنيه خشية الموت.

هذه هي الصورة الحسية للمثل، فما هي الصورة المعنوية التي علينا أن ننفذ إليها من ورائها؟

الصورة المعنوية هي أن نفهم حال  المنافقين مع القرآن، فنتجنبه ونحذر منه، فهذا الصيب مثل القرآن، أنزله الله غيثا تحيا به القلوب، يزكي العبد نفسه بما فيه، وأنزله أيضا فيه تكاليف، فيه جهاد، فيه صبر، فيه خبر أن الأيام دول، فيه خبر أن العبد يجب أن يكون ثابتا شجاعا راغبا فيما عند الله، فماذا يفعل أهل النفاق مع القرآن؟

أهل النفاق لاتفارق أعينهم الرعد والبرق، فبدل أن يركزوا على منافع الغيث، ويتعاملوا مع آيات القرآن على أنها غيثا لقلوبهم، وتزيدهم إيمانا، يتعاملون معها على أنها تكاليف وأوامر تخالف هواهم، فتشق عليهم حتى لكأنها تعذبهم، وكما أن صاحب الصيب إذا سمع الرعد سد بيديه أذنيه ظنا منه أن هذا سيمنع عنه الموت، فكذلك هم يسدون آذانهم إذا سمعوا القرآن وأوامره ونواهيه ووعده ووعيده ظنا منهم أن عدم سماعه سينجيهم من مسؤولية العمل والمجازاة.

  أكثر مايهمهم هو أن لا يفضحوا، وأن تسلم لهم دنياهم، فتجدهم يعرضون عن التكاليف غاية الإعراض، ويكرهون أن يسمعوا أوامر ووعيد القرآن، والله تعالى محيط بهم، لا يعجزونه ولا يفوتونه، بل يحفظ أعمالهم ويجازيهم عليها.


وهنا نتعلم درسا مهما، ونفهم الرد على شبهة شيطانية خطيرة، فكم قال الشيطان للناس: لا تحضروا مجالس العلم، لا تتفقهوا في دينكم كي لا تقع عليكم مسؤولية العمل، ثم تحاسبون على ذلك!

هذه الحيلة الشيطانية أودت بالكثير من الناس إلى طريق النفاق، ضعف إيمانهم، بل كثيرا ما ذهب إيمانهم وهم لا يشعرون بحيلة الشيطان، فإن العلم هو غذاء الإيمان، والإيمان كالنار لابد له من وقود كي يبقى مشتعلا.

الدروس التربوية من الأمثال.
🔺﴿أَوۡ كَصَیِّبࣲ مِّنَ ٱلسَّمَاۤءِ فِیهِ ظُلُمَـٰتࣱ وَرَعۡدࣱ وَبَرۡقࣱ یَجۡعَلُونَ أَصَـٰبِعَهُمۡ فِیۤ ءَاذَانِهِم مِّنَ ٱلصَّوَ ٰ⁠عِقِ حَذَرَ ٱلۡمَوۡتِۚ وَٱللَّهُ مُحِیطُۢ بِٱلۡكَـٰفِرِینَ﴾ [البقرة ١٩]

أهم ما نتربى به من خلال هذا المثل ونراه فائدة عظيمة أن هذا القرآن بمثابة الغيث العظيم، وأن الراغب في أن يغيث قلبه يتعرض لهذا القرآن، يقبل عليه، وأن المعرض عن هذا القرآن، السادّ أذنيه، الراغب أن يكون له ما للمؤمنين من نعيم وجزاء يوم القيامة وهو معرض يكون ممن استهوته الشياطين، فإن هذا الحق المبين الذي أنزله رب العالمين مطلوب أن نقبل عليه، وأن نتعبد الله بتعلمه، فلا تظنن أن الإنسان يعذر بإعراضه، إنما يعذر من لا يتمكن، فنسأل الله عز وجل أن يعيننا على تلاوة القرآن وعلى فهمه وعلى طلب الحق منه، وأن نغيث قلوبنا بهذا الصيب، ولنعلم أن الإعراض عن الدين والإعراض عن تعلمه مع التمكن من ذلك مثل الذي يعرض عما يغيث بدنه، مثل الذي يعرض عن شربة الماء وهو في غاية العطش.

  ولنعلم أن في طلب العلم والتعلم شدة وصعوبة، وأن في تأنيب النفس وتهذيبها ومراجعتها آلاما ومخاوف، لكن كل هذا  مكتوب عند الله. 

ولنعلم أن ترك طلب زيادة الإيمان بالعلم وبالعمل سبب لضعفه، وكلما ضعف الإيمان وتسرب من الوجدان تحول هذا الإنسان من الإيمان إلى النفاق، والنبي ﷺ قد أرشدنا أن الإيمان يبلى في جوف العبد، تصور هذا التشبيه:  "إنَّ الإيمانَ ليَخلَقُ في جوفِ أحدِكم كما يَخْلَقُ الثوبُ، فاسأَلوا اللهَ أن يُجدِّدَ الإيمانَ في قلوبِكم".

الدروس التربوية من الأمثال .
🔺 أهل الإيمان يعلمون أن من تقرب إلى الله شبرا تقرب الله إليه ذراعا، وأهم الأمور التي نتقرب بها إلى الله هي أن نتقرب إليه بطلب الهداية، نتقرب إليه بطلب الحق في جميع شؤوننا، لو تقربنا إلى الله بصدق طلب الهداية هدانا الله، وحبب لنا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، أما من كان راغبا بلسانه كاذبا في وجدانه فبينه وبين الهداية مسافات، نعوذ بالله من الخذلان.

الدروس التربوية من الأمثال .
🔺﴿۞ قَوۡلࣱ مَّعۡرُوفࣱ وَمَغۡفِرَةٌ خَیۡرࣱ مِّن صَدَقَةࣲ یَتۡبَعُهَاۤ أَذࣰىۗ وَٱللَّهُ غَنِیٌّ حَلِیمࣱ﴾ [البقرة ٢٦٣]

اعلم أنه حين ييسر الله لك بذل المال فإنه قد حصل لك من الشرف ماهو خير من المال؛ فكيف وبأي وجه يحصل منك المنّ بعد هذا؟!

إهانة الناس بالمنّ ليست أبدا من أخلاق أهل الإيمان، وربك غني عن صدقتك، وقادر على إغناء من أنفقت عليه، وإنما هو اختبار لك تنجح به أو ترسب، واعلم أن النفوس أهم من الأبدان، فمراعاتك لنفس من تبذل له أهم من مواساته بالمال.

الدروس التربوية من الأمثال.
🔺﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا لا تُبطِلوا صَدَقاتِكُم بِالمَنِّ وَالأَذى كَالَّذي يُنفِقُ مالَهُ رِئَاءَ النّاسِ وَلا يُؤمِنُ بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ ﴾.

هذه الآية تبين أن إنفاق بعض أهل الإيمان تأتيه حالة يشابه فيها إنفاق أهل الكفر الذين ينفقون فقط ليراهم الناس، ولايؤمنون بالله واليوم الآخر.

ماهي هذه الحالة التي يتشابهان فيها؟

هذه الحالة هي أن ينفق المؤمن ثم يتبع ما أنفق بالمن على المنفق عليه، والأذى له .

أين المشابهة بينهما؟

المشابهة في أمرين:

١- أن كليهما يلبي حاجة نفسية عنده، وهي العلو على الناس.

٢- أن كليهما أبطل عمله فلم ينتفع به.


إهانة الناس بالمنّ عليهم ليست أبدا من أخلاق أهل الإيمان، وربك غني عن صدقتك، وقادر على إغناء من أنفقت عليه، وإنما هو اختبار لك تنجح به أو ترسب، واعلم أن النفوس أهم من الأبدان، فمراعاتك لنفس من تبذل له أهم من مواساته بالمال.



الدروس التربوية من الأمثال.
HTML Embed Code:
2024/06/03 11:52:30
Back to Top