TG Telegram Group Link
Channel: زاد الخطباء للخطب والمواعظ
Back to Bottom
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
.
*خطبة مناسبة لكسوف الشمس وخسوف القمر*


الحمد لله واحد القهار العزيز الغفار
يكور الليل على النهار تذكرة لأولى القلوب والابصار وتبصرة لذوي الألباب والاعتبار الذي ايقظ من خلقه من اصطفاه فزهده في هذه الدار واصلي واسلم و على خير الورى وصاحب الخوض والشفاعة ونبي الأمة
صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم
عبادَ الله:

*أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى فبالتَّقوى تُدْفَعُ البَلايا والنَكَبَات وتُجْلَبُ الخيراتُ والبَرَكات ﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا﴾*.

أيها الكرام:
*يعيشُ الناسُ في هذه الدنيا في تَقَلُّبَاتٍ كونيةٍ متبايِنة ما بَيْنَ لَيلٍ ونهار، وحَرٍّ وبَرْد وجَفافٍ وأمطار وكسوفٍ وخسوف بأن هذه الدنيا ليست بدارِ قرار وأنه ليس بعدها دار إلا الجنةُ أو النار!*

قال ابنُ رجب رحمه الله *(واختلافُ أحوال الدنيا مِنْ حَرٍّ وبَرْدٍ ولَيْلٍ ونَهار وغيرِ ذلك يَدُلُّ على انقضائِها وزوالِها)*

*واليوم حَدَثَ أَمْرٌ عجيب إنها آيةٌ كونية وموعظةٌ ربانية يخوِّفُ اللهُ بها عِبادَه إنَّها آيةُ الكسوف*

*والمؤمنُ الفَطِن هو مَنْ يَقِفُ عِنْدَ هذه الظواهِرِ الكونية: نظرةَ تَفَكُّرٍ وَتَدَبُّر لا نظرةَ غفلةٍ وفُضُول! قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ * مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ﴾.*

*أيها المسلمون: من المعلوم أن الكسوف والخسوف لا ينكسفان لموتٍ ولا لحياةٍ احد فالأمر أكبر من ذلك وأخطر فهي آيات من آيات الله -تعالى- الدالة على عظمته وجبروته وقوته ليخوف بها عباده حتى يتوبوا إلى بارئهم ويعودوا إلى دينهم*

*فالواجب إذا رأى الناس ذلك أن يفزعوا خائفين وَجِلين مبتهلين باكين ويتضرعوا إلى الله بالدعاء والتوبة والإنابة وأن يكثروا من الاستغفار ويظهروا الافتقار للواحد القهار ويكثروا من الصدقة وأعمال البر والخير والإحسان إلى الفقراء والمساكين ومساعدة اليتامى والأرامل وأن يهرعوا إلى الصلاة وهي صلاة غير مألوفة لم يألفها الناس ولم يعتادوها*

*فالمؤمنُ العاقل لا يَأْمَنُ مِنَ عذابِ الله! قال تعالى ﴿أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ﴾. فإن الكسوف والخسوف: آيتان مِنْ آيات الله؛ يخوّفُ اللهُ بهما عبادَه لِيَتَّقُوه؛ قال تعالى: ﴿وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلا تَخْوِيفًا﴾ ولما كان النبيُّ ﷺ أعلمُ الناسِ بِرَبِّه؛ كان أَخْوَفَهُم مِنْه؛ فإنَّه لما كُسِفَتِ الشَّمسُ على عَهدِ النبيِّ ﷺ؛ قامَ قيامًا شديدًا حتى تَجَلَّتِ الشَّمسُ ثم قال: (إنَّ الشَّمسَ والقمرَ لا ينكسفانِ لموتِ أحدٍ ولا لحياتِه ولكنهما آيتانِ من آياتِ اللهِ، يخوِّفُ بهما عبادَه؛ فإذا كُسِفَا فافزَعوا إلى الصلاةِ)*

*وهذا الكسوف، وإن كان يَقَعُ لأسبابٍ طبيعيةٍ معروفة إلا أنَّ هذا لا يُخْرِجُه عَنْ كَوْنِه مُقَدَّرَاً مِنْ عِنْدِ الله، فـ ﴿كُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ﴾ فهو مُسَبِّبُ الأسباب وخالقُ الطبيعةِ وَمُوْجِدُها*

*وما يَحْدُثُ في هذا العالم: مِنْ كوارثَ أرضِيّةٍ، وبَحْرِيّةٍ، وجوّيّة؛ إنّما هو بسبب ذنوبِ العِباد! كما قال ربُّ العِباد: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ قال ابنُ القيم: (وَهَلْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ شَرٌّ وَدَاءٌ؛ إِلَّا وسَبَبُهُ الذُّنُوبُ وَالْمَعَاصِي!) فهل يدعونا هذا الكسوف إلى التوبة والاستغفار إلى العزيزِ الغفار فإنّه ما نَزَلَ بلاءٌ إلا بذنب وما رُفِعَ إلا بتوبة ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾.*

*وفي الوقت ذاته: فقد تكون هذه الكوارث والمصائب؛ تمحيصٌ ورحمة للمؤمنين فتكونُ سبباً لتكفيرِ سيئاتِهم، ورَفعِ درجاتهم؛ قال ﷺ: (عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ)*

عباد الله:

*واعلمو هناك سببان*

*للكسوف والخسوف اولها سبب حسي، وآخرها شرعي*

*فالسبب الحسي لكسوف الشمس أن القمر يقع بينهاوبين الأرض فيحجب ضوءهاعن الأرض أما سبب خسوف القمر فهو وقوع الأرض بين الشمس والقمر فتحول الأرض بينهما، ومعلوم أن القمر جرم معتم يستمد نوره من الشمس فإذا حالت الأرض بينهما وقع الخسوف*

*أما السبب الشرعي وهو المهم فيتضح جلياً في الحديث الذي رواه المغيرة بن شعبة قال: كسفت الشمس على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم مات إبراهيم فقال الناس: كسفت الشمس لموت إبراهيم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته؛ فإذا رأيتم ذلك فصلوا وادعوا الله"،*
*وعن أبي بكرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد، ولكن الله -تعالى- يخوف بها عباده" (رواه البخاري).*

*إذاً السبب الشرعي في حدوث الكسوف والخسوف هو تخويف الله للعباد ليتركوا ما وقعوا فيه من الذنوب والمعاصي والآثام الجسام وتوالى حدوث تلك الآيات في هذا الوقت بالذات لكثرة المغريات الحياتية، والانفتاحية والإباحية التي تعيشها معظم المجتمعات، فانجرف الناس في تيار الحضارة الزائفة، فضلوا أنفسهم وأضلوا غيرهم، فأرسل الله -تبارك وتعالى- تلك الآيات تخويفاً وإنذاراً لعباده؛ كيلا يحل بهم بما حل بمن سبقهم من الأمم الغابرة.*

*واعلموا أن الكسوف والخسوف آيتان من آيات الله -تعالى- يظهرهما لحكمة بالغة، ليراجع الناس دينهم ويصحوا من غفلتهم، لكن وللأسف قد تم للأعداء ما أرادوا، فتساهل الناس بأمر الكسوف والخسوف، حتى لم يقبل على المساجد إلا كبار السن ومن كتب الله لهم الهداية والتوفيق*

*أما الآخرون فهم غارقون في سباتهم وغفلتهم ولهوهم ولعبهم لا خوف ولا حياء من الله تعالى، نسأل الله أن يرد المسلمين إليه رداً جميلاً.*
*عباد الله: إذا تأمَّلَ الإنسانُ في هذا الكسوف؛ عَرَفَ نعمةَ اللهِ على عباده بالشمس والضياء؛ فلو شاءَ اللهُ لَجَعَلَ هذا الكسوفَ كُلِّيَاً سَرْمَدِيِّاً، لا يُرَى فيه النهارُ إلى يوم القيامة!﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ!﴾.*

*وهذا التَّفَكُّر؛ يجعلُ المؤمنَ مُتَّصِلاً بالله، ذاكراً له، خائفاً مِنْ نِقْمَتِه؛ فإنَّ اللهَ يُخَوِّفُ عِبادَه؛ لِتَستيقِظَ النفوسُ الغافلة، وتَلِينَ القلوبُ القاسية، وتدمعَ العيونُ الجامدة! قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ﴾*.

*والكسوف والخسوف: علامةٌ وتذكيرٌ باليوم الكبير، فقد أخبرَ تعالى عن أهوالِ القيامة بقوله: ﴿إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ﴾،*

*وتكويرُ الشمس: يكون بِذَهابِ نُوْرِهَا، قال السعدي: (إذا كانَ يومُ القيامة: تُكَوَّرُ الشمس؛ أي: تُجْمَعُ وتُلَفّ، وَيُخْسَفُ القمر، ويُلْقَيان في النار!) . فاعْتَبِرُوا يا أولي الابصار، وأَكْثِرُوا مِنَ الاستغفار، واعْتَزِلُوا طريقَ الذنوب؛ فهي خَرابُ الأوطانِ والشعوب، وارْجِعُوا إلى اللهِ بتوبةٍ نصوح، مادام الباب مفتوح! ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾.*

*اللهم عافنا ومجتمعاتنا من الفواحش ما ظهر منها وما بطن. اللهم اجعلنا من التوابين واجعلنا من المتطهرين.*

*اللهم لا تؤاخذنا بسوء أعمالنا، ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منّا. اللهم ربنا لا تؤاخذنا أن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا اصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين*
اللهم تب على التائبين اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين.
اللهمَّ إنَّا نَعوذُ بك مِنَ زَوالِ نِعمَتِكَ وَتَحوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقمَتِكَ
اقول ما سمعتم استغر الله العظيم الجليل لي ولكم من كل ذنب فاستغفِروا وتوبُوا إليه إنّه كان غفورا رحيما ...*
.

#بشرى_سارة*

للأخوة الذين يريدون تعلم اللغة العربية فإنه سيكون لنا دروس يومية ...

دورة في 📚«
#شرح_متن_الآجرومية»


فكونوا معنا
~ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ~

#للانضمام_واتساب* 👇👇
https://chat.whatsapp.com/DHLQnMvl1umGtusTd9FqhL


الهدف من القروب 👇

*تعلم اللغة العربية من خلال شرح بعض المتون وبعدة طرائق ووسائل تعليمية متنوعة :*

1️⃣ مقاطع صوتية
2️⃣ فيديوهات مرئية
3️⃣ شروحات مكتوبة
4️⃣ تطبيقات وبرامج
5️⃣ خرائط ووسائل أخرى


.
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
👇🏻خطبة الجمعة القادمة👇🏻:


٢٥ / شعبان / ١٤٤٤ هجرية.


*🔹 استقبال شهر رمضان المبارك*



عناصر الخطبة

1/من خصائص مواسم الخيرات
2/من فضائل شهر رمضان وبركاته
3/كيف نستقبل رمضان؟

 

*الخُطْبَةُ الأُولَى:*
 
الْحَمْدُ للهِ الَّذِي اخْتَصَّ شَهْرَ رَمَضَانَ بِمَزِيدٍ مِنَ الْفَضْلِ وَالإِكْرَامِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ الْمَلِكُ الْعَلاَّمُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ سَيِّدُ الأَنَامِ، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الْكِرَامِ, أَمَّا بَعْدُ:
 
أَيُّهَا النَّاسُ: أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ -تَعَالَى-؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب:70، 71 ].
 
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ مِنْ نِعَمِ اللهِ الْوَافِرَةِ، وَمِنَنِهِ الْمُتَكَاثِرَةِ، مَا حَبَاهُ اللهُ -تَعَالَى- هَذِهِ الأُمَّةَ مِنْ مَوَاسِمِ الْخَيْرِ الْمُبَارَكَةِ؛ وَالَّتِي تَكْثُرُ فِيهَا الطَّاعَاتُ، وَتُقَالُ فِيهَا الْعَثَرَاتُ، وَتُغْفَرُ فِيهَا السَّيِّئَاتُ، وَتُضَاعَفُ فِيهَا الْحَسَنَاتُ، وَتَتَنَزَّلُ فِيهَا الرَّحَمَاتُ، وَتَعْظُمُ فِيهَا الْهِبَاتُ, وَإِنَّ مِنْ أَجَلِّ هَذِهِ الْمَوَاسِمِ وَأَكْرَمِهَا شَهْرَ رَمَضَانَ الْمُبَارَكَ، الَّذِي قَرُبَ قُدُومُ شَذَاهُ الْعَاطِرِ، وَثَمَرِهِ الْوَارِفِ؛ (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ)[البقرة: 185].
 
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:  قَرُبَ مَجِيءُ الْوَافِدِ الْحَبِيبِ، وَالضَّيْفِ الْكَرِيمِ، وَالَّذِي يَحْمِلُ فِي طَيَّاتِهِ الْعَطَايَا وَالْهِبَاتِ، وَالْهَدَايَا وَالْكَرَامَاتِ، رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ: صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ؛ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ؛ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَيُنَادِي مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ, وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ وَذَلكَ كُلَّ لَيْلَةٍ"(حَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّ).
 
فِي رَمَضَانَ وَاحَاتُ الْبِرِّ تَتَدَفَّقُ، وَبَسَاتِينُ الْخَيْرِ تُنَمَّقُ، وَجَنْيُ ثِمَارِهَا لِلْمُخْلِصِينَ تَتَحَقَّقُ؛ تَهَجُّدٌ وَتَرَاوِيحُ، وَذِكْرٌ وَتَسْبِيحٌ، قَالَ اللهُ -تَعَالَى - فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ:  "كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلاَّ الصِّيَامَ؛ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ، فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ؛ فليَقُلْ: إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ"(متفق عليه).
 
فِي رَمَضَانَ تِلاَوَةٌ وَصَلَوَاتٌ، وَجُودٌ وَصَدَقَاتٌ، وَأَذْكَارٌ وَدَعَوَاتٌ، وَضَرَاعَةٌ وَدَمَعَاتٌ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا؛ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا؛ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا؛ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"(متفق عليه).
 
رَمَضَانُ فُرْصَةٌ لِلْمُذْنِبِينَ، وَمِنْحَةٌ لِلْمُفَرِّطِينَ؛ لِيُعْلِنُوا التَّوْبَةَ، وَيُجَدِّدُوا الصَّفْحَةَ؛ قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ، مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلاَةٍ، فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَأَيِسَ مِنْهَا، فَأَتَى شَجَرَةً، فَاضْطَجَعَ في ظِلِّهَا، قدْ أَيِسَ مِن رَاحِلَتِهِ، فَبيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا، قَائِمَةً عِنْدَهُ، فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا، ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ:
اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ؛ أَخْطَأَ مِن شِدَّةِ الفَرَحِ"(رواه مسلم).
 
شَهْرُ رَمَضَانَ رِسَالَةٌ لِلْمُوسِرِينَ أَنْ يَتَذَكَّرُوا الْمُحْتَاجِينَ، وَيَشْعُرُوا بِجُوعِ الْجَائِعِينَ، مِنَ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ؛ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-: "كَانَ رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ جِبْرِيلُ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِن رَمَضَانَ، فيُدَارِسُهُ القُرْآنَ؛ فَلَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ أَجْوَدُ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ"(متفق عليه).
 
اللَّهُمَّ بَلِّغْنَا رَمَضَانَ، وَأَعِنَّا فِيهِ عَلَى الصِّيَامِ وَالْقِيَامِ، يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ, أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ؛ فَإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
 


 
*الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:*
 
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَن لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوانِهِ، صَلَّى اللهُ عَليْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَعْوَانِهِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا, أَمَّا بَعْدُ:
 
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: اتَّقُوا اللهَ -تَعَالَى- وَاسْتَقْبِلُوا شَهْرَ رَمَضَانَ بِتَوْبَةٍ صَادِقَةٍ، وَعَزِيمَةٍ جَادَّةٍ بِاغْتِنَامِ أَيَّامِهِ وَلَيَالِيهِ بِالطَّاعَاتِ, وَالْبُعْدِ عَنِ الْمُخَالَفَاتِ؛ فَلَيْسَ الصِّيَامُ مُجَرَّدَ الإِمْسَاكِ عَنِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ؛ فَالصَّوْمُ صَوْمُ اللِّسَانِ عَنِ الْغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ وَالْبُهْتَانِ، وَصَوْمُ الْجَوَارِحِ عَنِ الذُّنُوبِ وَالْعِصْيَانِ, قَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعمَلَ بِهِ وَالْجَهْلَ؛ فَلَيْسَ للهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ"(رواه البخاري).
 
فَاتَّقُوا اللهَ -تَعَالَى-، وَاعْقِدُوا الْعَزْمَ عَلَى تَفْرِيغِ النَّفْسِ لِلطَّاعَةِ، وَتَرْكِ الْمَعْصِيَةِ، وَتَطْهِيرِ الْقَلْبِ مِنَ الضَّغِينَةِ؛ فَإِنَّ رَمَضَانَ أَيَّامٌ تَمُرُّ وَتَمْضِي، وَاعْتَبِرُوا بِمَنْ فَارَقُونَا، وَكَانُوا رَمَضَانَ السَّالِفَ مَعَنَا، كَانُوا فِينَا يَصُومُونَ وَيُصَلُّونَ، ثُمَّ صَارُوا تَحْتَ أَطْبَاقِ الثَّرَى قَدْ حِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ, فَلْنَعْمَلْ لِذَلِكَ الْمَصِيرِ؛ فَإِنَّ الْعُمْرَ قَصِيرٌ، وَالنَّاقِدَ بَصِيرٌ؛ (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)‏[‏النور‏:‏ 31‏]‏.
 
هَذَا، وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُم؛ كَمَا أَمَرَكُمْ بِذلِكَ رَبُّكُمْ فَقَالَ: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56]، وَقَالَ -‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً وَاحِدَةً؛ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا"(رَوَاهُ مُسْلِم).

.
.
       شمروا إلى الطاعات
وتنافسوا في فعل الصالحات
وتقربوا إلى الله بأنواع القربات
فقد اقتربت ليالي عشر مباركات

       🌹خواتم مباركة 🌹

.
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
"
خطبة بعنوان
*من صفاتِ المتَّقين *


*الخطبة الأولى :*

إن الحمد لله نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

أما بعد .

فيا أيها المؤمنون.

*أوصيكم بتقوى اللهِ تعالى في السِّرِّ والعَلَنِ ، والغيبِ والشهادةِ، فإن تقوى اللهِ تعالى أكرمُ ما أسررتُم، وأزينُ ما أظهرتم، وأفضلُ ما ادَّخَرتم، وخيرُ ما تزوَّدتم  ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾.*


عباد الله!

*إن تقوى اللهِ جل وعلا حقيقتُها العملُ بطاعةِ اللهِ تعالى إيماناً واحتساباً، أمراً ونهياً.*
*

*فالتقيُّ يا عبادَ الله، هو مَن يفعلُ ما أمرَ اللهُ به إيماناً بالله وتصديقاً بوعدِه، وهو من تَرَكَ ما نهى الله عنه إيماناً باللهِ وخوفاً من عقابِهِ،*

*فالتقوى: هي التزامُ ما أمرَ الله، وترْكُ ما نهى اللهُ عنه؛ رجاءَ ثوابِه، وخوفاً من عقابه، فتقوى الله جل وعلا ليست شعوراً فارِغاً جامداً، لا أثرَ له ولا ثمرَ، بل هي مراقبةُ اللهِ تعالى في السِّرِّ والعلنِ، قال عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ رحمه الله: "ليس تقوى اللهِ بصيامِ النَّهارِ وقيامِ الليلِ والتخليطِ فِيما بَينَ ذلك، لَكِنَّ تَقْوَى اللَّهِ تَرْكُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ، وَأَدَاءُ مَا افْتَرَضَ اللَّهُ، فَمَنْ رُزِقَ بَعْدَ ذَلِكَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ إِلَى خَيْرٍ ".*


أيها المؤمنون.
*إن للتقوى صفاتٍ وخِصالاً وسماتٍ وآداباً، جَعَلَها اللهُ سبحانه وتعالى دلائلَ على أهلِها وعلاماتٍ يُهتدى بها، تجمعُ أصولَ الاعتقادِ وفضائلَ الشِّيَمِ ومحاسِنَ الأعمالِ وطيِّبَ الخِصالِ.*


*فمن تلك الصفاتِ: قولُ الله جل وعلا: ﴿ألم . ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) ثم وصفهم سبحانه وتعالى فقال: ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ﴾* .

 
*ومن صفاتِ المتقين: قوله تعالى: ﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾*.


أيها المؤمنون.
*إن من أبرزِ صفاتِ المتقين: إخلاصَ العبادةِ للهِ تعالى وحدَه لا شريكَ له: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾ قال تعالى في وصف عبادِه وأوليائِه: ﴿وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ﴾، فحبُّهم وخوفُهُم ورجاؤُهُم وعبادتُهُم كلُّها للهِ وحدَه لا شريكَ له.*

عباد الله!

*إن من صفاتِ عبادِ الله المتقين: أنهم إذا مسَّهم طائفٌ من الشيطانِ، فقصَّروا في الطاعات، أو انتهكوا شيئاً من المحرمات تَذَكَّروا فإذا هم مبصرون، فلا إصرارَ على الخطأِ، ولا مُضِيَّ في الغيِّ، بل إذا زلُّوا تابوا، وإلى ربِّهم أنابوا، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ﴾، وقال تعالى في وصفِهم :﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ)*

 
أيها المؤمنون.
*إن من صفاتِ المتقين تعظيمَ شعائرِ اللهِ -أي: تعظيمَ حدودِه وشرائعِه وأحكامِه- قال الله تعالى: ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)، فالمتقون يعظِّمون طاعةَ اللهِ وأوامرَه، فيحملُهم ذلك على طاعتِه واتباعِ شرعِه، ويعظِّمون نهيَه فيمنعُهم ذلك من معصيتِه ومخالفةِ أمرِه.*

أيها المؤمنون
.
*إن من صفاتِ المتقين: العفوَ عن  المخطئين، والإعراضَ عن الجاهلين، والصفحَ عن المسيئين، قال الله تعالى : ﴿وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾ وقال تعالى : ﴿وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً) وقال : ﴿وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً﴾.*
 
أيها المؤمنون
.
*إن من صفاتِ المتقين: العدلَ في الأمرِ كلِّه، فهم عادلون في أقوالِهم وأعمالِهم وأهلِهم وحكمِهم وما وُلُّوا ، عدلٌ مع القريبِ والبعيدِ والصديقِ والعدوِّ والمسلمِ والكافرِ، قال الله تعالى : ﴿وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾.*
 
عباد الله..

*إن من صفاتِ المتقين: الصِّدقَ في الأقوالِ والأعمالِ، فإن الصِّدقَ يهدِي إلى البرِّ، والبرُّ يهدي إلى الجنةِ، قال تعالى : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ*.


*ومن صفاتهم: تركُ الشُّبُهاتِ والملتبساتِ التي لم يتضحْ أمرُها، هل هي حلالٌ أو حرامٌ؟ فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "لا يبلغُ العبدُ حقيقةَ التقوى حتى يدَعَ ما حَاكَ في الصدرِ"، فلا يبلغُ العبدُ أن يكونَ من المتقين حتى يدعَ ما لا بأسَ به حذراً مما به بأسٌ.*


*فالمتقون يتورَّعـون عن الشبهاتِ بتركـِها فإنه من اتقى الشبهات فقـد استبرأ لدينه وعرضه، أي: سلم له دينُه وعِرضُه، وحملَه ذلك على تركِ ظاهرِ الإثمِ وباطنِه،*

عبادَ اللهِ..
*هذه بعضُ صفاتِ المتقين، الذين لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون، فأستغفر اللهَ الذي لا إلهَ إلا هو، مِنْ وَصْفِ حالِهم وعدمِ الأخذِ بأعمالِهم.*
 
*👇الخطبة الثانية :👇*

الحمدُ لله الذي عمَّرَ بتقواه قلوبَ المتقين، وجَعَلَ تقواه سبيلَ النجاةِ للأولين والآخرين وبعد، 

*فإن تقوى اللهِ أيها المؤمنون إذا استقرت في القلوبِ، وارتسمت بها الأقوالُ والأعمالُ أثمرَت أحسنَ الثِّمارِ، وأعقبت أطيبَ الآثارِ في الدنيا، وفي الآخرةِ دارِ القرار.*

*فمن فوائدِها يا عبادَ الله: أنها سببٌ لتيَسيرِ العَسيرِ، قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً﴾.*

*وتقوى اللهِ تعالى سببٌ لتفريجِ الكُروبِ وإيجادِ المخارجِ والحلولِ عند اشتباكِ الخطوبِ**

*وهي سببٌ لفتحِ سُبُل الاكتسابِ والارْتزاقِ، قال الله تعالى :﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً .وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ﴾.*

أيها المؤمنون..


*إن من فوائدِ تقوى اللهِ: الفوزَ بمعيَّةِ الرحيمِ الرحمنِ؛ معيةُ نصرٍ وحفظٍ وتمكينٍ ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ﴾.*


*ومن فوائدها: أنها سببٌ للسلامةِ والنجاةِ من كيدِ الفجارِ ومكرِ الكفَّارِ، قال تعالى : ﴿إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ﴾.*


*ومن فوائدِ تقوى الله جل وعلا: أن اللهَ يُعطي بها العبدَ نوراً، يميِّزُ به الحقَّ عن الباطلِ، فهي فرقانٌ يضـيءُ المسالكَ والـدروبَ، قال الله تعالى : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً﴾*

أيها المؤمنون..

*اتقوا اللهَ تعالى، فإن تقوى اللهِ سببٌ لتعظيمِ الأجور ومضاعفتِها وتكفيرِ السيئاتِ ورفعِ عواقبِها، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ وقال تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً﴾"*

هذا وصلوا وسلموا ......... الخ
.
📌 *#مفارقات_عجيبة* 📌

✒️✒️✒️

*#نثور_ونغضب ونستنكر ونطالب بالمقاطعة لأن شخص سويدي كافر عربيد احرق المصحف في حادثة مؤلمة لكل مسلم، وهذا أمر واجب على كل مسلم غيور على دينه ومقدساته ، بل ومن كمال الإيمان ومن صميم العقيدة أن نغضب من اجل الله ومن أجل كل المقدسات الاسلامية ونعبر عن غضبنا واستنكارنا بكل الوسائل والأساليب الرادعة لمن تسول له نفسه تكرار ذلك ...*

*ولكن الذي يثير الحيرة والعجب بل والغضب أننا نجد من أبناء جلدتنا من العرب والمسلمين سواءا من مصر او السعودية او العراق او اليمن او الإمارات أو تركيا او المغرب او.... او......الخ ذكورا وإناثا ممن ارتدوا عن دينهم وانسلخوا عن عقيدتهم وكفروا بربهم ، فصدرت منهم أفعال وقبائح كفرية ولا زالت في منصة (, #السوشيال_ميديا ) مواقع التواصل الاجتماعي مستمرة إلى الآن وليس في حادثة واحدة وانتهت مثل السويدي .. !! بل مستمرة كل يوم..!!*

*فالبعض منهم يمزقون المصحف ويحرقونه ويطعنون فيه وفي أحكامه، بل ووصل الأمر ببعضهم أنهم يشتمون الله استغفر الله وحاشاه جل في علاه بألفاظ كفرية وبكل سخرية واستهزاء استغفر الله العظيم والبعض يشتمون بعض الانبياء ويطعنون فيهم....! بل وما تركوا شيئا يتعلق بالله وبدينه وبكتابه وبرسوله الا وطعنوا فيه وقاموا بأفعال لم يقم بها من قبلهم الا فرعون وأمثاله ....*

*فاذا كان فرعون قال ما علمت لكم من اله غيري .... فهؤلاء أنكروا وجود الله وجحدوا به وبدينه وشرعه وكفروا بكتابه ونبيه واثاروا الشبهات حول كل ما يتعلق بالله وما صدر عنه من أوامر ونواهي وزواجر وعقوبات جل في علاه وتعالى الله علوا كبيرا... !!*

*ومع ذلك لم نسمع اي تنديد أو مسيرات أو مقاطعة أو حتى بيان رسمي من حكوماتهم يطالبون بتسليمهم ومحاكمتهم وإقامة حد الردة عليهم أو فضحهم وتحذير شباب المسلمين منهم ومن متابعتهم ومن سماع سموم أفكارهم ...! إلا الناذر من بعض الحكومات ومن بعض العلماء والدعاة ممن كان لها موقف حق ومشرف ضد هؤلاء الكفرة السفهاء ..* *أما البقية فكأن ذلك حرام على الأجانب حلال على العرب والمسلمين ، استغفر الله العظيم *

*شيء مخجل أمام العالم أننا نثور ونغضب من حرق السويدي للمصحف في حادثة وقعت وانتهت ، ولا #نثور_ونغضب ونحترق بل وتحترق احشاءنا وقلوبنا ونحن نشاهد كل يوم مقاطع جديدة تتجدد باستمرار لحوادث كثيرة ابشع وافضع من حرق المصحف، فقد تجرؤا على الله وليس على كتابه فقط ، فهم يسبون الإله العظيم ويتبجحون بكل سخرية ووقاحة في منصة السوشيال ميديا أمام كل العالم وبعضهم يدوسون على المصحف ويحرقونه ويحرفونه ويسبون النبي محمد صلى الله عليه بل يسبون كل ما يتعلق بالله ودينه ونبيه وتجد لهم مئات الآلاف من المتابعين المسلمين في كل مواقع التواصل الاجتماعي ( #السوشيال_ميديا ) والمحزن والمؤسف أنك تجد من يشجعهم في ذلك بالمتابعة والمشاركة بل وبالتعليقات المؤيدة لافعالهم الكفرية والإلحاد بالله والسخرية منه ومن دينه وكتابه ورسوله استغفر الله واتوب اليه .....!!*

وحسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة الا بالله ......

✒️.. كتبها الفقير الى عفو ربه غفر الله له ولوالديه

.
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
زاد الخطباء للخطب والمواعظ:
🎤
خـطــبـــة جـمــعــــة بعــنـــوان :

#الـهـجــــرة_نـصـــــر_وأمــــــل_وإخــــــاء.

🕌🕌🕌🕌🕌

#الخطبـــة_الاولـــى

الحمد لله، تفرد بالحول والقدرة، وعظم فلا يقدر أحد قدره، خلق الإنسان من نطفة، وأحصى عمره، وقضى عليه بالموت، فأراه قبل مماته قبره. أحمده سبحانه، فكم أقال من عثرة، وأنزل القرآن موعظة وذكرى فكم أسالت آياته من عبرة.

وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة من قلب وجل يترقب أن ينجو بها من سؤال الحفرة، ويدخرها ليستظل بها في ظلال عرش يوم الحسرة.

وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، بعثه بالهدى ودين الحق، ليظهره على الدين كله، فضمن له نصره، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه المهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة، ومن سار على نهجهم وترسَّم خطاهم، فلم يتجاوزوا نَهيه واتَّبعوا أمره، وسلم تسليمًا.

أمَّا بعــدُ: فأوصيكم - عباد الله -
ونفسي بتقــوى الله - عز وجــل.

عباد الله : يتجدّد العام الهجري وتتجدّد معه ذكريات عظيمة في الإسلام إنها ذكريات هجرة الحبيب المصطفى، صلى الله عليه وسلم، من بلده من حرم الله الآمن، وما كان عن فراقه راغباً، ولا لحرمه قالياً، ولكن لا سبيل إلى البقاء في دار صده أهله عن أن يبلغ رسالات ربه، وأذاقوه وأصحابه صنوف الأذى، فما كان يعِزّ عليه البقاء مع منعه من أداء رسالته، فأمره ربه أن يهجر أهل السوء .

أما بلده الأمين، فإنه راده إليه في ميعاد حدّده له وهيّأ له أسبابه، وقد كانت الهجرة والابتلاء والأذى سنّة الأنبياء قبله، وكما أنذره بذلك ورقة بن نوفل، رضي الله عنه، بقوله: «لم يأت رجل قطُّ بمثل ما جئتَ به إلا عودي».

فيهاجر النبي صلى الله عليه وسلم مع ابي بكر الصديق ويسير الصاحبان في طريق طويل موحش غير مأهول لا معين لهما من بشر، ولا سلاح عندهما يقيهما : الا عناية الله وحفظه
لا دروع سابغات لا قنا
مشرعات لا سيوف منتضاة
قوة الإيمان تغني ربها
عن غرار السيف أو سن القناة
ومن الإيمان أمن وارف
ومن التقوى حصون للتقاة

والمسلمون في المدينة ينتظرون قدوم النبي صلى الله عليه وسلم ويترقبون ظهوره بقلوب ملؤها الشوق والحنين لاستقبال خير خلق الله - قال أنس: ''لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة لعبت الحبشة لقدومه فرحا بذلك لعبوا بحرابهم'' (أبو داود).
وصدق من قال:

أقبل فتلك ديار يثرب تقبل
يكفيك من أشواقها ما تحمل
القوم مذ فارقت مكة أعين
تأبى الكرى وجوانح تتململ
يتطلعون إلى الفجاج وقولهم
أفما يطالعنا النبي المرسل

*عباد الله إن تجدّد حدث الهجرة يعني الاستفادة من دروسها الكثيرة، التي لو أن المسلمين اتبعوها لحققوا ما تحقق لنبيهم المصطفى، صلى الله عليه وسلم، من النصر والتمكين والسعادة الأبدية.

*فمن دروسها عباد الله أن الهِجرة سُمِّيت نصرًا رغم أنَّه لم تَسِلْ قطرةٌ من الدم، ولم تلتقِ فيها السيوف، ﴿ إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إذ أخرجه الذين ك﴾ [التوبة: 40]، وهذا اتِّساع لأُفق النَّصْر في حياة أهل التوحيد والعقيدة.

فالثباتُ على المبدأ نصْر، والالتزامُ بالحقِّ نصْر والوصول للأهداف نصْر
*في الهِجرة تَحقَّق النصر لمَن؟ لأقلِّ جيش "اثنين" في مكانٍ ضيِّق "الغار"؛ كيف؟﴿بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا﴾ التوبة 40 لا عَدد ولا عتاد، إنَّما كانت القوة في الثقة بالله والثبات على مبادئ الدعوة والدين والتضحية في سبيل الله شاء مَن شاء وأبي مَن أبي..!! فدلت على أن الهجرة نصر محقق، وما كان للشرك أن يغالب الحق والهدى.

- إنه نصرٌ بغير قتال لتحقق النتائج التي جعلت الهجرة سبباً له، فماذا يراد من القتال إلا قهر الأعداء وذلتهم فها هو قد تحقق يوم أن خرج من بيته وهو أعزل يشق الصفوف ويخترق نصال السيوف ولم يشعروا به وظلوا على بابه مرابطين وقد أرغمت رؤوسهم بالتراب

- ونصرٌ وهم يبحثون عنه بينما لو نظر أحدهم موطئ قدمه لرأوه فأذلهم نسج العنكبوت وهو أوهن البيوت.

- ونصرٌ وهو يشق الطريق في رائعة النهار وهم يشدون الطلب فآبُوا بالخسران المبين ورضي سراقةُ من الغنيمة بالإيابِ وقد أيقن أن رسول الله لا يغالب وأن الفتح المبين للآفاق آتٍ لا محالة.

- ونصرٌ في تأليف القلوب المتناحرة من ساكني «يثرب» وقد كادت الحروب تفنيهم فأضحوا صفاً واحداً تجمعهم كلمة التوحيد وهدف واحد هو نصرة النبي صلى الله عليه وسلم ودعوته.

- ونصرٌ في تثبيت قواعد المدنية الصالحة بدستور لم تعرف العرب مثله بل لا تعرفه كثير من الحضارات المعاصرة له جعلت المواطنة بين مختلف الديانات أساساً لحمية الدولة والأمة والمنجزات.

-

.
.


ونصرٌ في تكوين جيش حامٍ وأمة متحابة وبناء حضارة إنسانية على أنقاض الوثنية والجاهلية البغيضة.

- ونصرٌ في تبليغ رسالة الله لخلقه وهو الهدف الأسمى من هذه الهجرة المباركة ففتحت الآفاق وعمّ نورها الطباق وما هي إلا ثماني سنين حتى رده الله تعالى لمعادِه الذي أخرج منه ليطهّره من رجس الوثنية ويُنكِّس فيه أصنام الجاهلية ويعيد فيه الحنيفية ملة إبراهيم، عليه السلام.

لقد كانت الهجرة محنة لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، ولكنها في الحقيقة منحة ربانية، فحق لكل مسلم ومسلمة أن يعلم أن نصر الله الذي وعده نبيه والمؤمنين لا يتخلف فيعلم أن الله أصدق قيلاً.

*في الهجرة نعلم قيمة التضحية:
تأتِي الهجرةُ لتُعلِي قيمةَ التضحية في زمن الخُنوع والخضوع لغيْر الله في زمَن المعاصي والذُّنوب إلاَّ ما رحِم ربِّي في زمَنِ المصالِح الشخصية والحياة الورديَّة والمُتعة الوقتية في زمنِ انتعاش أهلِ الباطل في غفلة أهلِ الحقِّ في زمن الفسادِ المخطَّط والإفساد المُمنهَج في الأرض!

فلقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم يودع أرض مولده ومربع طفولته وشبابه وكهولته فهنا كانت دار ولادته وذاك منزل زوجته خديجة و ذاك موضع نزول الوحي وتلك أرض مكة حيث تهفو النفوس وتنشرح الصدور . 

ورغم هذا وذاك فإن نصرة الدين
مقدمة على نصرة العواطف و الذكريات .

لذلك هاجر النبي صلى الله عليه وسلم وهاجر قبله المسلمون -تاركين الأهل والديار- إلى أرض جديدة حيث ستقام دولة الإسلام ويعلو الإيمان .

*كذلك لقد تجلى في الهجرة معنى الصداقة الحقيقية في مسارعة أبي بكر رضي الله عنه بطلب رفقة النبي صلى الله عليه وسلم وتقديمه كل ما بوسعه من مال وجهد .

ثم هو ذَا ينزل به الهم وتدمع عيناه خوفاً على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول : يَا رَسُولَ اللهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ إِلَى قَدَمَيْهِ أَبْصَرَنَا فَيُجِيبُهُ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بكل ثقة وطمأنينة : يَا أَبَا بَكْر : مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا؟! [أخرجَهُ الشَّيْخَانِ].

*كذلك من الهجرة علمنا الرحمة كيف تُرتَجى:
تُثبِت لنا الهجرةُ أنَّ رحمة الله لا تُرتجَى مِن الخمول أو الكسل، مِن القنوط أو القعود، إنما تُرتجَى مِن الحرَكة والعمل، والنشاط والجهاد؛ كيف؟!
﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [البقرة: 218] أما الاستضعاف والسكون والرِّضا بالذل والهوان فإنَّه يُورِد المهالكَ ويؤدي بصاحبه إلى سوء المصير 

*الهجرة درس في الأخوة والمحبة والتآلف فقد اخرجت مجتمعٌ ظهَر في المدينة فريدٌ مِن نوعه إيمانٌ عالٍ أُخوَّة راقية حبٌّ عميقٌ في ذاتِ الله مجتمَع انصهر فيه كلُّ فرْد حتى كان يقول لأخيه: يا أنا!
يعرِض فيه الأنصاريُّ طلاقَ زَوْجته التي هي نِصفُه وحياتُه بعدَ الله إيثارًا لأخيه المهاجِر.
مجتمَع لم يَعرفْ له التاريخُ مثيلاً من قبلُ ولا مِن بعدُ، حتى استحقَّ التكريم والتخليد في القرآن الكريم، تتعبَّد به الأجيالُ جِيلاً بعدَ جِيل إلى يومِ الدين.

في المهاجرين: ﴿ لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ﴾ الحشر8

وفي الأنصار: ﴿ وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الحشر: 9].

وفي الذين ساروا على نهْجِهم، وسَلكوا طريقَهم عبرَ الزمان والمكان:﴿ وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ﴾الحشر10

قلت ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم
فاستغفروه انه غافر الذنوب والخطيئات

..
.


#الخطبـــة_الثانيـــة.

الحمد لله لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع والصلاة والسلام على أشرف خلق الله محمد بن عبد الله .

وبـــعــــــد :

عبـــاد الله: إذا كانتِ الهجرةُ
اغلقت فقدْ ألْغاها النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم حينما قال: ((لا هِجرةَ بعدَ الفتْح، ولكن جهاد ونيَّة)) لكن هناك هجرة اخرى حيث قال صلى الله عليه وسلم: ((والمهاجِرُ مَن هجَر ما نهَى الله عنه)).

إذًا فالمطلوبُ مِن كلٍّ منَّا أن يهاجر، كيف؟! يهاجِر مِنَ المعصية إلى الطاعَة، مِن الفردية إلى الجَماعة، مِن الكسل إلى العمل، مِن القنوط إلى الأمَل، مِن الضَّعْف إلى القوَّة، ومِن التسفُّل إلى القِمة مِن الذلَّة إلى العِزَّة مِن الانكفاءِ على الذات إلى الاهتمامِ بشأن المسلمين مِن التعصُّب للرأي إلى النزولِ علَى الشورى مِن مصلحة الفرْد إلى مصلحةِ المَجْموع مِن حياةِ الهوان والحِرْمان إلى حياةِ الإيمان والإحسان.

وهكذا نجِدُ أنَّ الهِجرةَ سلوكٌ واجب ومستمرٌّ علينا أن نباشِرَه ونمارسَه على كلِّ المستويات وفي جميعِ الأوقات، وأخلاقٌ عالية وقِيَم رفيعة يجب أن نَحْياها ونعيشها على طولِ الطريق رغمَ وعْثائه وأشواكه.

*عباد الله: الهجرة أمل بالله وثقة بفرجه ونصره إن اليأس والقنوط ليسا من خلق المسلم، قال سبحانه: {وَلاَ تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} (يوسف:87). قال ابن مسعود رضي الله عنه: ''أكبر الكبائر الإشراك بالله والأمن من مكر الله والقنوط من رحمة الله واليأس من روح الله''.

إذا اشتملت على اليأس القلوب وضاق لما به الصدر الرحيب
ولم تر لانكشاف الضر وجها ولا أغنى بحيلته الأريب
أتاك على قنوط منك غوث يمن به اللطيف المستجيب
وكل الحادثات وإن تناهت فموصول بها الفرج القريب

فيا أيها الغيورون على أمة الإسلام
يا من احترقت قلوبهم لآلامها لا يبلغن بكم اليأس مبلغه فإن الذي أهلك فرعون وعادا وثمود وأصحاب الأيكة قادر على أن يعيد شمل الأمة ويعد مجدها وعزها والفتها واخوتها ونصرها
وأنت.. يا من ابتلاك الله في رزقك أو صحتك أو ولدك.

أنت.. يا من جهدك الفقر وانتهكتك العلل وأخذ الموت أحبابك وعدت في أعين الناس كالدرهم الزائف لا يقبله أحد.

أنت.. يا من أصبحت في مزاولة الدنيا كعاصر الحجر يريد أن يشرب منه، ويا من سدت في وجهك منافذ الرزق وأبواب الحلال.

أنت.. هل نسيت رحمة الله وفضله؟ 
وهكذا تعلمنا الهجرة في كل فصل من فصولها كيف نصنع الأمل، ونترقب ولادة النور من رحم الظلمة وخروج الخير من قلب الشر وانبثاق الفرج من كبد الأزمات.

*ما أحوجنا في هذا الزمن!
ما أحوجنا ونحن في هذا الزمن، زمن الهزائم والانكسارات والجراحات إلى تعلم فن صناعة الأمل.

فمن يدري؟ ربما كانت هذه المصائب بابا إلى خير مجهول، ورب محنة في طيها منحة،
تأتي ذكرى الهجرة عاماً بعد عام لتجدد في نفوس المسلمين مشاعر العزة وتبدد مظاهر الذل والهوان .وتزرع الأمل وتبدد اليأس والقنوط
تأتي الهجرة لتلقي على المسامع والقلوب دروساً في الصبر والثقة بوعد الله.

فالهجرة ليست حدثاً تاريخياً يبلى بتقادم الأزمنة والدهور ولكنها منهج للحياة ودستور للأمة الإسلامية بما تحمله في طياتها من دروس وعبر وبذل وعطاء في سبيل نصرة الدين.

هذا وصلوا وسلموا على النبي المصطفى والحبيب المرتضى كما أمركم بذلك المولى جلَّ وعَلا فقال تعالى قولاً كريماً : { إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً }

اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا واحفظ بلادنا واقض ديوننا واشف أمراضنا وعافنا واعف عنا وأكرمنا ولا تهنا وآثرنا ولا تؤاثر علينا وارحم موتانا واغفر لنا ولوالدينا وأصلح أحوالنا وأحسن ختامنا يارب العالمين

إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربي وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون فاذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله اكبر واقم الصلاة .

============================
Forwarded from كتابات وخواطر ومواعظ (الشيخ أحمد ابو حكيم)
.
الأصل في المسلم أن يغضب وتحترق احشائه كمدا عندما يرى حرمات الله تنتهك ....!؟ فكيف بمن يعمل إعجابا او متابعة او يعلق بالضحك أو التأييد على منشور شخص ملحد مرتد عن دين الإسلام أو علماني مأسوني أو .... وهو يسب الله ورسوله .....!! كيف يجرؤا على ذلك وهو يرى سخرية واستهزاء بالله واياته ورسوله وبكل شعائر دينه .....!! نستغفرك اللهم ونتوب اليك ........

#يا_حسرة_على_العباد

...
.
📌 #صناعة_التفاهة_والتافهين 📌

ومن يتابع التيك توك واليوتيوب على سبيل المثال يجد العجب العجاب..!!

راقص أو راقصة او ممثل سامج أو مغني ماجن أو أي شخص يعمل اي حركة تافهة مضحكة أو غير مضحكة واحيانا تخرج عن نطاق الادب والحياء والاخلاق فيعمل حركات وخبالات يستحي أحدنا أن يعملها أمام اولاده في البيت وتجدهم يتابعوه الملايين وممكن في بث مباشر يحصد الالاف من الدولارات في ليلة واحدة..!!

يجعل الشباب يفكر في التفاهة وكيف يبتكر تفاهة جديدة ومختلفة عن غيره حتى يحصل على اكبر عدد من المتابعين ويصبح مشهور ويحصد بذلك الملايين من الدولارات في الشهر الواحد بدلا من التعب والجد والاجتهاد في الدراسة والمذاكرة والمثابرة والتحصيل العلمي الذي ينفع به مجتمعه وأمته.....

.
HTML Embed Code:
2024/06/01 10:11:06
Back to Top