TG Telegram Group Link
Channel: يوسف الدموكي
Back to Bottom
"فرَّت من قَسوَرة".
رجال يغيرون إعدادات العالم.
رحل الضيف.. وأقام ظلُّه.
إسلام، ذلك الشاب الوسيم، الطيب الحيي، الذي كان قد جاوز العشرين للتو حين اعتقلته الأيدي الآثمة، قطعها الله، وزجوا به في زنزانة صخرية مقرورة الجدران، لا تسمع من خلفها همسا، ملقاة في الصحراء، معزولة عن العالم، يعاقبونه على ما لا يدركه ولا يدركونه، لا أحد يعلم شيئا عدا الحاكم بأمره، العالم بكل شيء، فيأمرهم بسجن فتى لا يعرف من الدنيا أبعد من ناظريه.
..
يسجنون إسلاما وتهمته الإسلام نفسه، لا شيء سوى سمته الهادئ وخلقه الدمث، ثم يحكمون عليه بالإعدام شنقا، ألبسوه الثوب الأحمر، ولا أحد يدري فيما أتى وفيما سيغادر، إلا من تهم لا إثبات واحدا عليها، ولا علاقة واحدة له بها، إلا أن يقول ربي الله، فكفى بها نعمة، وكفى بشرفها تهمة.
..
ثلاث سنوات والفتى لا يلبس سوى البدلة الحمراء، يصبح بها ويمسي، ينتظر كل صيحة في كل فجر، يضرب الباب وينادى عليه، لكن اسمه يكون الاسم التالي، دائمًا، أما الاسم الأول فكان لمن جاوروا جدرانه لسنوات، حتى خُفف الحكم، ولا أحسبه إلا مصطلحا قانونيا سمجا، كعادة المحاكم التي كرهناها ولعناها ألف مرة، تخيلوا أن الحكم على شاب بالمؤبد يعد تخفيفا، فكيف لو كان تضعيفا!
..
اثنا عشر عاما.. بين الإعدام والمؤبد قضى الرجل زهرة شبابه، كان فوق البلوغ بست سنوات حين اعتقل، واليوم لا تفصله إلا ست أخريات عن "بلوغ الأشد"، فمن ملك أنفاسه طيلة تلك السنوات ليقضيها في غياهب الجب؟ ومن حكم عليه بقصف عمره خلف القضبان؟ والله لو لم يكن أمام السيسي سوى إسلام يوم القيامة لما فرَّ من جهنم أبدًا، فكيف لو كان خصيمه مئة ألف إسلام! ثم الإسلام نفسه!
..
يا هناء إسلام بالعاقبة..
ويا ويل السيسي من العقاب!
يا ويل السيسي من سقر!
يا ويل السيسي من الله!
اللهم جحيما على ربة الغطرسة في العالم أمريكا، يعقبه اضمحلال وانهيار!
تتيه "غزة" في أجندة الأخبار، ببساطة لتحولها إلى "خبر"، فخرجت من صفتها قضيةً ومصيبةً وكارثةً إلى "شأن" يمكن مناقشته، أو تقديمه، أو تأخيره، في ترتيب النشرة، واهتمامات الجمهور، وتفاعلات المواقع، وهذا لا ينبغي لامرئ حر شريف غيور، فلا تغفلوا عن إخوانكم، ولا تنشغلوا عن جرحكم الغائر، فإن غفلنا عن القلب ماذا تبقى من الجسد؟
بعض الدول لا تملك قواعد أمريكية، لأنه لا حاجة لها مع وجود القصر الحاكم.
رجال الله في غزة، الذي ما زادهم أحد من شيء ولا نقصهم من شيء، ولا نفعهم ناصرهم ولا ضرهم خاذلهم، ولا رموا بغير يد الله، ولا أصابوا دما دون عدوه، ولا ألقوا السَّميَّة ولا أعطوا الدنيَّة، وما زالوا يثخنون في عدوهم وهم مخضبون بدمائهم، يقاتلون لدين الله كأنهم آخر ثلة مؤمنة تبقَّت له.
كيف حدثت محرقة الجنود السبعة؟
صعد مقاتل على ناقلة جند ووضع عبوة شواظ داخل قمرة القيادة.

آمنت برب هذا الرجل!
آمنت بالله!
https://sotour.net/11842/


من أعز ما كتبت على قلبي
"يُرۡسَلُ عَلَيۡكُمَا شُوَاظٞ مِّن نَّارٖ وَنُحَاسٞ

فَلَا تَنتَصِرَانِ"
يا حبيبي، أتخيلك في وحشة من نفسك، ووحدة من الناس، وأنس بالله وحده، تتفقد يمينك وشمالك فلا تجد سوى نسخٍ منك، قطع فريدة هي آخر ما تبقى منها على قيد الحياة، تتغبر قدماك بقبر أخٍ ولدته أمك، وطيف أخٍ لم تلده أمك ولا قبر له، تمر بدور تشبه دراكم لكنها ليست واحدة منها، لأنه لا الدار بقيت ولا سكانها.
..
أراك كأني أراك الآن، في قطع من جوف الليل مظلمة، تقف إلى الله محنيّ الرأس، انحناءة الخشوع وانحناءة النفق، وهل من عبدٍ سواكم في الدنيا ينحني في كل ركوع لله انحناءتين؟ أراك باكيا مخضبةً لحيتك التي نبتت قبل قليل، لم ترَ أمك كثافة لحيتك، ولو رأتها قبل ذلك لقالت حلّقها، ولو رأتك اليوم للثمتها شعرةً شعرةً، ولخضبتماها بمعينٍ مرير.
..
أبصرك، وأنت لا تودع أحدًا، سوى جسد هدَّه الجوع فيرحم إن قضى، وسواعد نال منها الجهد فتنبسط إن عطلت، وعيون غشيها النعاس فتنام إن سجيّت، وتمضي يا ابن أمي لا تلوي على دنيا، فتعود بالجنة أو تروح إليها، وكانت لك الأولى، وادُّخرت لك الثانية، وبينهما نيران تكويك ونيران تكويهم بها، وأنت يد الله في أرضه، ترمي له ويرمي بك.
..
ألمس آثار قدميك من بعيد، أتأكد أن ثمة معجزةً تمشي، ولستَ أسطورة، الأسطورة يصنعها الناس لتكفيهم بتسليتها هم قعودهم، أما المعجزة فمن صنع الله يقيم بها الحجة على ركونهم، لكني لا أستطيع استيعابك كاملا، فأختار أن أومن بك إيمان الغيب لا التجلي، كموسى يوم آمن بمعجزة الله، إنه لم يؤمن برؤية الجبل في ذاته، وإنما آمن أن رأى الله فيه!
صاحب الظل الجليل.
إنه الموت المعجل يا غزة، الساقط من السماء كسفا، ويموج بأهلك في موج كالجبال، قصف على قصف، وظلمات في ظلمات، إن أخرج المرء يده لم يكد يراها، في أي حالٍ يدركه القتل، قتلة على دراجة، أو على قدميه، أو نائما بين أنقاض محتملة، وأيدي اليوم أشلاء الغد، بينما تنعم أنظمتنا في أسرة الهوان، ويفاصح السفلة قاتليك، وتُترك وحدك كأنك لم تكن، أو كأن ذلك الموت يخصك وحدك، ولا يعلم الناس أن القادم من نصيبهم، إلا أن يفعلوا ما يجنبهم شر القضاء، وأخذ الأشقياء، ويحذرنا الله نفسه، وإلى الله المصير.
غزة ليست فيلمًا نتابعه، ليست رواية مسلية، ليست مسرحية تجمع الدراما والفكاهة، ليست مشهدًا مبتذلًا يؤديه أنصاف المواهب؛ غزة حجة كاملة على كل واحد منا، لن يسأل عنها دفعةً واحدةً مجموعنا كسؤال واحد، وإنما سيُسأل كل واحد فينا منفردًا عنها آلاف الأسئلة، فعلى العاقل إعداد آلاف الأجوبة، أو تقديم إعفاء مبكر يوقعه بعمره ودمه.
حفرة كبيرة ابتلعت كل من فيها بقصف في غزة الآن؛ مجزرة بالخيام دثرت الضحايا جميعا بالرمال دون أثر لأحدهم؛ فاللهم اخسف بمن خذلوا هؤلاء الأرض، اخسف بحكام العار والدياثة قصورهم يا رب، الليلة الليلة يا رب!
HTML Embed Code:
2025/06/27 20:49:00
Back to Top