يا لائمي لا تلمني
سبتمبر 1969م
يا أرحم الراحمين فرج جميع الهم
ويسر العسر واكشف غمة المغموم
الحمد والشكر لله الذي أنعم
على بلادي بهذا عيدها المنعوم
سته وعشرين سبتمبر فما أعظم
ذكراه عندي وأعظم قدر هذا اليوم
فمرحباً آلاف باليوم الذي حطم
عنا سلاسل وقيد الماضي المشؤوم
يا ابن اليمن إن هذا يومك الأكرم
ذكرى انتصارك وعيد الثورهْ المرسوم
يا قومنا امحوا الجهل الذي خيم
فالجهل وصمه بها وجه اليمن موصوم
يجب على كل آمر منكم أن يعلم
بما عليكم لمن هو في الحقوق مهضوم
وكل إنسان بالإنسانية يهتم
لأنه إنسان مش حشره ولا جرثوم
وليس إنسان إلا حينما يفهم
يعيش كإنسان لا ظالم ولا مظلوم
وحينما لا نرى في الأرض نطفة دم
ولا مشوَّه ولا أعرج ولا مقطوم
قد مرَّت أعوام واحنا يا رحيم ارحم
اُغْتِيل تَكَوَّن فُلان اُسْتُشْهِد المرحوم
كأننا ألغام أو غازات تستخدم
فتخنق الروح والأنفاس في الحلقوم
والسلب والنهب أصبح عندنا مغنم
بئس الغنيمه وبئس المغنم المذموم
قال ابن سحلول يا قلبي لما تغتم
تمسي حزيناً وتصبح دائماً مغموم
إياك أن تحترق يا قلبي الملهم
ما أنت إلا كمشعل يجهلوه القوم
كم قد نظمنا قصائدنا وكم يا كم
ولا فهم منطقي حاكم ولا محكوم
فاخرس إذاً يا اللسان محجور تتكلم
ماذا يفيد الكلام إن لم يكن مفهوم
مالي أرى من يلوموني بملء الفم
قالوا لما ذاك اقطع شعري المنظوم
يا لائمي لا تلمني قبل أن تفهم
حقيقة السر هذا الغامض المكتوم
سل الثلاث السنين ما ذاك فيها تم
غير الخلافات بين العندليب والبوم
إن الذي مرّت الأعوام وما قَدَّم
للشعب خدمه فهو أجدر بهذا اللوم
كفى الهدار كم لنا نهدر ونتنادم
هدارنا قد كثر زايد على المعلوم
هناك واجب على الإنسان يتحتم
هو العمل والعمل وحده هو المحتوم
وكل إنسان منا بالعمل مُلْزَم
لا بالخطب والكلام الفارغ المسؤوم
فرغم أني بخدمة أمتي مهتم
فضَّلتُ صمتي وإن أصبحت به مشتوم
وإن زعم أي زاعم أنني مُرغم
على سكوتي وإن ظن أنني مهزوم
فإنني قط لم أُرغم ولم أُهزم
مهما أي حاقد يلفق زعمه المزعوم
لقد أردنا لهذا الشعب يتقدم
في كل ميدان ويمحي جهله المركوم
هذا الذي كنت به فيما مضى أحلم
لكن أبى الشعب إلا أن يكون منهوم
جرى ويجري ورا الأطماع والدرهم
ويطلب الأسلحة والنار واليحموم
ما فكر الشعب في مصنع ولا منجم
ولا المعادن ولا بترولنا المردوم
ورغم أنه بجمهوريته مهتم
كشعب واحد موحد ليس بالمقسوم
فلم تزل وجهة الأنظار تتقسم
ثلاثة أقسام هذا عندنا مفهوم
فقسم منا إلى ركب الشعوب ينضم
وهو بربه وبالحبل القوي معصوم
يريد يبني ويتطور ويتقدم
خطوه فخطوه بتفكير متزن محكوم
وقسم ثاني يريد أن يسبق العالم
يرى القدر طوع أمره بالخضوع ملزوم
يريد يقفز إلى المريخ في سُلَّم
وكيف ومن أين هذا السُّلَّم المعدوم
وقسم ثالث عليه الجهل يتحكم
لازال يرفس رفيس الماضي المشئوم
من قل فهمه وكثر الجهل لا يفهم
إلاّ مُخطط وخط أجداده المرسوم
لازال يخبز عجينة جدته مريم
بنفس أسلوب جدة جده المرحوم
كأنما هو يعيش في عصر أبونا آدم
يا للأسف من تخلف فكره المسقوم
وكم نرى الشعب يتخبط بليل أظلم
يشكي الألم للاطباء والعلاج معدوم
فلا الأطباء اعتنوا به قبل أن يسقم
ولا دروا ما دوى المزكوم والمحموم
لكن أطباء عديمين وافقوا أعدم
أو في الحقيقة مداكيم وافقوا مدكوم
ما كان يحتاج لا مكوى ولا محجم
ولا لخلط العلاجات المليح والشوم
لكن خلطنا العسل بالخل والمرهم
بالماء والبنسلين بالكزبره والثوم
وكل واحد يشتم الآخر ويتهجم
ولا عرفنا من اللاطم من الملطوم
وفي النهايه رجعنا كلنا نندم
من بعد ما طيفر الحَجَّام دم المحجوم
الشعب ظالم وحكام اليمن أظلم
فلا تُصلِّي على الحاكم ولا المحكوم
من كثر ما البعض في أرض اليمن أجرم
قد أصبح الزرع من ضرع السما مفطوم
فكم قطع من طرق عامه وكم لَغَّم
في أرضه المُسْلِمه يا حي يا قيوم
الظلم أصل المصائب والبلا المبرم
والويل للظالمين من دعوة المظلوم
* * *
>>Click here to continue<<