*باب الذكر والحذف*
ويقصد في هذا الموضوع ما حذف وأصله أن يذكر كحذف حرف او فعل او اسم مما أصله أن يذكر أيضا يدخل في الذكر والحذف ما ذكر في موطن ولم يذكر في موطن أخر يبدو شبيها به حسب ما يقتضيه الموطن
ومثال على ذلك قوله تعالى في سوره الكهف ( فما *اسطعٰوا* ان يظهروه وما *استطعٰوا* له نقبا)
هذه الايه قالها ربنا سبحانه وتعالى في بناء السد الذي صنعه ذو القرنين حينما قال (اتوني زبر الحديد حتى اذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا حتى اذا جعله نارا قال اتوني افرغ عليه قطرا فما اسطاعوا ان يظهروه وما استطاعوا له نقبا)
فقال فما اسطاعوا ان يظهروه ومعنى ذلك ان يصعدوا عليه فحذف التاء واصلها استطاعوا وسبب حذف التاء ان صعود السد الذي هو سبيكه من قطع الحديد والنحاس ايسر من نقبه واخف عمله فخفف فيه الفعل للعمل الخفيف قال تعالى وما استطاعوا له نقبا ولان النقب والتنقيب هو اطول فجاء بناء الفعل بالتاء بالذكر للعمل الثقيل والطويل فحذفت التاء في الصعود وجاء بها في التنقيب
مثال اخر قال الله سبحانه وتعالى في سوره ال عمران (فلما احس عيسى منهم الكفر قال من انصاري الى الله قال الحواريون نحن انصار الله امنا بالله واشهد *بأنّا* مسلمون )
وقال في سوره المائده
( واذ اوحيت الى الحواريين ان امنوا بي وبرسولي قالوا امنا واشهد *بأننا* مسلمون)
في هذه الايه امرين الامر الاول ان في سوره ال عمران لم ياتي بها تفصيل عن الايمان فخففت بحذف النون بينما في سوره المائده جاء فيها تفصيل الايمان والشيء الثاني ان في سوره المائده الله هو الذي اوحى اليهم وثبتهم فناسبت ذكر النون تاكيدا الايمان
مثال اخر قال تعالى (ولا تحزن عليهم ولا *تك* في ضيق مما يمكرون) النحل بينما قال في سوره النمل (ولا تحزن عليهم ولا *تكن* في ضيق مما يمكرون) فحذفت النون في سوره النحل بينما ثبتت في سوره النمل وذلك ان السياق مختلف في السورتين
فالايه الاولى في سوره النحل جاءت سياق الحديث عن يوم احد حين مثل بحمزه حينما قال الرسول صلى الله عليه وسلم في حمزه لان اظفرني الله بهم اي بالاعداء لامثلن ب 70 مكانك فنزلت الايه (وان عاقبتم فعوقبوا بمثل ما عوقبتم به ولان صبرتم له خير للصابرين)وبعدها جاءت كلمه *تك في ضيق* فالحذف هنا يفيد تخفيف الامر والحدث وتهويينه على الرسول صلى الله عليه وسلم فخفف الفعل بالحذف اشاره الى تخفيف الامر وتهويينه على النفس لان عاده الشهداء هم احياء عند ربهم يرزقون
اما في سوره النمل *ولا تحزن عليهم ولا تكن في ضيق مما يمكرون* سياق الايه يتحدث عن الذين كفروا حينما قالوا اذا كنا ترابا وابائنا ائنا لمخرجون فتتالت بعدها الايات حتى وصلنا لقوله ولا تحزن عليهم ولا تكن في ضيق مما يمكرون وذلك لاثبات ان الحزن الحقيقي الذي يؤذي المؤمن هو حزنه في الله سبحانه وتعالى فهناك فرقين بين حزنين
الحزن الذي ياتي بمعنى الصبر فجاء به بالتخفيف واما حزن العقيده فجاء به بالاثبات
*بسم الله الرحمن الرحيم*
باب الحذف والثبوت
مثال قال تعالى في سوره هود,(افمن كان على بينه من ربه ويتلوه شاهد منه ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمه اولئك يؤمنون به ومن يكفر به من الاحزاب فالنار موعده فلا تك في مريه منه)
وقال تعالى في سوره السجده
(ولقد اتينا موسى الكتاب فلا تكن في مريه من لقائه)
الفرق في الايتين ان في سوره السجده تحدثت عن موسى وعن بني اسرائيل اما في سوره هود فهي قد تحدثت عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن قومه ولان النبي صلى الله عليه وسلم خاتم الانبياء ولان امته امنت بجميع الرسل التي من قبل فدرجه الثبوت في المنهاج كانت اتم لذلك حذفت النون من قوله *تك* في مريه منه
اي جاء الدين شامل وكامل للكتب السماويه السابقه ومن ثم للشرائع وهو محفوظ من التحريف
السبب الثاني لحذف النون في قوله *تك* في مريه دلاله على أن صُغر مبدأ الخطأ بالشيء وحقارته قد يزيد ويخرج عن منهاج الشرع فقليل من الريب والمريه في الدين قد يخرج صاحبه من العقيده والاعتقاد اذا تابع وساوس النفس وهواها
بينما نجد كلمه فلا *تكن* في مريه منه في سوره السجده بثبوت النون لأنها هذه الايه تخص موسى وبني اسرائيل و بعد الفتره الزمنيه بين الشرائع بين نبي ونبي فثبوتها تدل على توكيد أخذ الأمر ببالغ الجديه والتحقق من التحريف
وقفنا في الحلقه القادمه على قوله تعالى حذف النون في كلمه تكن وتك
جاء في كتاب البرهان للزركشي ان حذف النون في نحو هذا قد يكون تنبيها على صغر المبدا مبدا الشيء وما سيأتي بعده وينشا منه الزياده وقد تكون هذه الزياده في الخير وقد تكون هذه الزياده في الشر
الشرح ما معنى ذلك يعني قد يكون خلق الشيء او جزاء الشيء من شيء بسيط ولكن اثره يكون كبيره ومثال على ذلك قوله تعالى (الم يك نطفه) هنا حذفت النون تنبيها على ان مبتدأ خلق الانسان كان صغيرا وقدره بحسب ما يدرك ثم ذكر بعد ذلك فاذا هو خصيم مبين
>>Click here to continue<<