TG Telegram Group Link
Channel: قناة الأستاذ/ محمد عطية
Back to Bottom
" تلاوة خاشعة هزت المسجد، سورة كذا كما لم تسمعها من قبل، رفقا بقلوبنا يا شيخ .. "

لا أدري كيف يستحل بعضهم أن يعنون بنفسه لتلاواته من التراويح وغيرها بهذه العناوين ..

بصرف النظر عن أن غالب من يفعلون ذلك مراهقون، قليلو البضاعة أصلا على مستوى الصوت والأداء والأحكام .. إلا أنه محزن ومخز أن يصل الإسفاف الذي هو سمة عصرنا، لطريقة نشر دين الله وكتابه!

ويتعاطف الناس ويشجعونهم؛ بحجة (كويس أهم بيعملوا خير، أحسن من إنهم يغنوا أو يرقصوا) ..

وهنا تكمن خطورة تمحك الباطل بالحق!

هذا بالإضافة لذلك الداء القديم من بعض المتسولين الذين لا يستحون من التعليق على مقاطع الهلس بتعليقات من عينة: من يشجعني لقراءة كتاب الله .. ولو كان هذا المقطع لقارئ لحاز ملايين التعليقات .. واشترك في قناتي لأستمر في التلاوة وأدعو لك .. أو يضع حتى مقطعا لتلاوة لا يخلو من كثير من النشاز والعجن في الأحكام اللذين يعجز عن إخفائهما (الأوتوتيون).

دين الله أرقى من هذه الحماقات، وكلام الله أغلى من اتخاذه غرضا لطلب الاهتمام والشهرة برخص وسماجة!

وواجب كل عاقل يؤمن بالله واليوم الآخر ألا يتعاطف مع هؤلاء أو يجاملهم مهما كانت نيته .. بل صيانة مقام الدين وحفظه من تسور المسفين بزجرهم والإنكار عليهم ونهيهم عن هذا المسلك الآسن الذي لا يصل بهم لشيء؛ خير لهم لو كانوا يعلمون.

هدانا الله والمسلمين 🤲🏻
هذه الفرحة التي في قلوب الصائمين بالفطر، وفي قلوب القائمين بالختم .. هذه المسحة النضرة في ملامحهم، والبحة الشجية في أصواتهم .. هذه الساعات والمشاعر = لا تعدلها الدنيا وما فيها!

الحمد لله على الإسلام .. الحمد لله على التمام.

تقبل الله منا ومنكم يا أحباب 💚
س: نظرت إليه .. ف أحبته 😊❤️

ج: فعملت أكونت فيك وقالت له: معجبة بيك !

وفضل وراها، يسألها ويستجوبها .. لغاية ما عرفها ..
قالها طب مش كنت تقولي .. وأنت من زمان عجباني ..
ومش عارف أفاتحك ازاي !

ومكنتش مصدقة نفسها ..
أخيرا دعواتها استجيبت .. وحلمها بيتحقق ..

بس هو ظروفه صعبة ومش هيعرف يدخل البيت الوقت !

وعدته تفضل جنبه .. تساعده وتسانده .. ومش هتكون لغيره ..

وتمر الأيام .. ما بين صلح وخصام ..

يشد عليها حياتها تضلم .. يتقل وهي تعيط .. يهجر وهي تتحايل !
يرمي كلمتين ناعمين تضحك الدنيا في وشها .. وتتحيا مشاعرها اللي بتموت بالبطيء !

ومحدش فاهم حواليها .. إيه اللي بيحصل فيها ..
شوية مزاجها في السما .. وشوية كئيبة ومبلمة ..

لأن الحب المزعوم صار الترمومتر والمقياس .. وهو الأمان اللي اختارته من بين الناس !

لكنه الوهم يعمي الأبصار .. يشوفه جنة وهو في حضن النار.

واتكوت أعمار وسنين .. يا بنتي فلان متقدم مفيش فيه عيب ..
تجري الخايبة عالحبيب !

- هتعمل إيه ؟!
= اصبري .. مفيش في إيدي حاجة ..
بقولك إيه قومي روقي كده وابعتيلي صورة حلوة أطمن عليك منها !

والصورة تجر صورة .. والكلمة تجر عك .. والعك يسبب قرف .. وتبدأ تفوق ..

- طب وآخرتها ؟!
= أووو .. وأنا أعمل إيه .. أهلي مش موافقين آخد الخطوة عشان أختي لسه هتتخطب، وعشان ورايا جيش وشغل .. طب هقول لأبوك إيه !

شوفي .. أنت تستاهلي حد يسعدك ..
سلام.

وتيجي تعيط ..
وتقول: نظرت إليه ..
فأقولها: يا ريتك من الأول غضيت بصرك .. وحفظت قلبك .. وغلّيت نفسك.

بتختلف التفاصيل شوية .. لكن السيناريو غالبا واحد ..

وتوتة توتة .. الله يقطعها حدوتة.
تاني وتالت وألف!

اللي اتربت في بيت محترم يعرف الأصول، واللي ربنا منّ عليها بفطرة سوية تميل بطبعها لبساطة الحياة ورضاها .. بعيدا عن التعقيدات والمنشورات والفلسفة الفارغة ..

واللي اتربى يعرف معنى الرجولة مسؤولية وصبر وكرم، قبل ما تكون جعير ونعير وتشنج مسبق يختلق المبررات للخسة والأنانية .. بعيدا عن الفهم المنكوس تمييعا أو تطويعا ..

وهؤلاء لو اتقابلوا هتنشأ بينهما علاقة مودة ورحمة تلقائية، وبيت مستقر، وحياة سعيدة راضية .. باتفاقها واختلافها، بجمالها ومشاكلها، بأفراحها وحزنها، بعافيتها وابتلائها، بشبعها وغناها وقصورها ورضاها ..

حياة سهلة وطبيعية، فيها تعاون وتراحم وحسن ظن .. أدوار واضحة، وحرص مشترك إن المركب تمشي بريح طيبة، وتعرف تعدي الريح العاصف بجهد متبادل من اتنين عايزين يعيشوا وعايزين يرحموا بعض ..

لكن دول غالبا مش هتسمعوا عنهم عالفيس أبدا!

إما لأنهم أجمل وأعقل من السير في القطيع الأزرق، أو لأن حياتهم ومشاعرهم أغلى عندهم وأصدق من نشرها في هذا العالم الأحمق.

هتسمعوا هنا بس أرباب العقد المبتلين بالحرمان؛ الذين تكونت تصوراتهم من خلال أسوأ التجارب الإنسانية فقرروا إخراجها للناس في صورة نصائح وتنظيرات، وأحيانا تقريرات شرعية حبيسة نظرهم القاصر المتعصب لجهة من الجهتين!

فإياكم وإياهم.

قاتل الله الفيمينزم ولعن الله الذكورية!

وحفظ شبابنا وبناتنا، وأخلاقهم وفطرتهم من سمومهم الغبية.
كان لا يُحسن يعصي الله!

لا يعرف طريق المعصية، ولا يحسنه إن أراده.

كذا المؤمن .. لا يحسن المعصية، ولا يمتلئ قلبه من طعم سكرتها .. بل لا يزال هناك شيء عميق في نفسه يكدّر عليه الكبوات ..

وما دام قلبك لا يزال يألم من المعصية .. ولو تلذذ!
وما دامت روحك ما زالت تطلب التوبة .. ولو ضعفت!

وما دمت لا تستطيع التصالح مع الغفلة = فداعي الله في قلبك ما زال حيا ..

فاستدرك قبل أن يخفت صوته .. وتتيه بعده في ظلمات .. الله أعلم متى ستخرج منها!

إن المحب لا تأتي مخالفته إلا ضعفا عارضا .. ولا تطاوعه روحه لإتقان الجفاء ..

لن يستطيع الاستسلام للسقوط؛ فالغريق لا يتصالح مع الماء!

تسري عليه أحكام الأرض؛ فمنها خُلق .. لكن انتماءه -دوما- للسماء.

يا رب أحينا بحب ما تحب .. وزيّنا ببغض ما تبغض .. وإن زللنا، فأدركنا بالعصمة تعقب التوبة النصوح.

يا رب .. ارزقنا إحسان حبك .. قولا وعملا وشعورا.
لا ينبغي أن يقل امتنانكم لمن يصحبكم بالصدق .. عمن يساعدكم على أرقى وداع !

كم من بعيدين .. غير أنهم نور العيون ..

كم من ذكريات .. هي أوفى رفقة، حتى الممات.
كلنا نخطئ ونزل ونضعف .. المهم أن تكون إفاقتنا سريعة، وتوبتنا صادقة.

ومهم أيضا أن نحرص -وإن ضعفنا- أن تكون ذنوبنا بلا ذيول وآثار !

بعض البنات في العلاقات الخاطئة يتمادين للأسف في الغفلة لتعطي الخبيث صورا وغيرها ..

ثم إن أرادت التوبة والابتعاد = ابتزها وهددها !

ومثل هؤلاء الذكران لا أرى أنذل ولا أجرم ولا (أنجس) منهم.

هؤلاء ممثلو إبليس على الحقيقة، المخلصون لدوره على أحقر وجه .. الصادون عن التوبة، الواعدون بالفقر، الآمرون بالفحشاء !

نعم .. كلاهما ملوم مخطئ، واللوم عليها في غبائها ورخص نفسها أشد ..

لكن إن أرادت (النظافة) والعودة لربها فلا أقل من أن يكف عنها، ويبحث عن غيرها .. على فرض أنه ما زال تائها غارقا في شهواته.

أما الابتزاز والتهديد بالفضيحة مقابل رضوخها وخوفها = فانعدام للإيمان وطمس على القلب وغياب تام لمعنى الخوف من الله ..

ولو كانت لي بهؤلاء قوة لجعلتهم نكالا وعبرة للعالمين !

هؤلاء من أكرههم، وأكره سيرتهم وأمثلتهم التي تمر بي في كثير من المشاكل.

شعور الغيظ والعجز ساعتها لا شيء يصفه أو ينفّسه !

وكلمة للبنات في مثل هذا الموقف -عافاكن الله جميعا- لا شيء يسعف كمصارحة أحكم وأعقل أهلك .. أيا ما يأتيك منهم سيكون أهون كثيرا مما يأتيك من طرف ذاك الحيوان في مسلاخ إنسان.

مثل هؤلاء جبناء قذرة، ولا حل مع مثلهم إلا الخوف ممن يستطيع إيذاءهم .. وإياك تحت أي وضع من الرضوخ لتهديده؛ لأن هذا سيعني مزيدا من التورط .. كحفرة وساخة تغرقين فيها أكثر وأكثر !

بل قرري أن لا عودة .. مهما كان الثمن.

وقبل كل ذلك عليك بدعاء الله والصدق معه؛ فهو سبحانه قادر على هداية ذاك الوغد وشفاء قلبه .. أو على قصمه وهلاكه وشغله ببلاء نفسه.

ولا تنتكسي أو تنكصي عن صدق توبتك إن قدّر الله عليك شيئا من انكشاف أمرك .. فلعل هذا هو التكفير الحقيقي لذنبك، ومفتاح باب جنتك .. وكل ما في الدنيا أهون من فضيحة يوم القيامة !

رب استرنا والمسلمين.
لا سقف تنتهي عنده ملذات الحياة!

كل رغبة في الدنيا يتوفر فيها دوما (مشاهدة المزيد) إن أردت مطاردتها ..

المال - الشهوة - الشهرة .. وغيرها ..

لن تجد أحدا بطبيعته يميل معها لـ: كفاية كده!

دايما فيه جديد .. دايما فيه طعم مختلف لم تجربه، وتود لو تفعل ..

المبدأ الوحيد القادر على كبح الطاقة البشرية داخلنا والرغبة الفطرية في الاستزادة = هو البعد الأخروي.

القناعة العميقة بأنك أتيت هنا لتأخذ من كل ذلك ما يعينك فقط على استقرار عيشك، وكبح رغباتك .. وإن لم تصل للإشباع الكامل!

تعود ذلك سيغرس فيك الرضا التام بالمتاح، هانئا هادئا .. حتى تزهد في مطاردة غيره.

لا تترك نفسك كمسلم يرجو الله والدار الآخرة لمطحنة التزيين التي تغريك بأنك تستطيع دوما بلوغ الذروة .. فغالب مشاكل الناس وشكواهم مردها في الحقيقة لغياب هذا البعد الأخروي، وغرقهم في تلك المطحنة، وافتتانهم بتلك الذروة!

ولو أنهم اتعظوا بحال أصحاب الأموال وأخدان الشهوة وأرباب الشهرة = لرأوا كثيرا منهم يلهث خلف المتعة فاقدا للسعادة .. حتى صاروا يتنافسون فيما ينبغي أن يستحي منه الإنسان المكرّم.

والفارق بين المتعة وبين السعادة كبير .. لو تعلم!

ولا يشبعون .. ولا ينتهون ..

وإنه على قدر امتلاء القلب برغبة الآخرة = على قدر قناعته بما وجد، وسلامه مع ما فقد، ومعرفته المسبقة بأنه غير مطالب بالسعي للذروة .. تلك الذروة المتوهمة على الحقيقة.

وإنما الشبع، كل الشبع .. في الجنة.
أيوه الحب بالأفعال أبلغ وأهم من الكلام!
وأيوه بنكتفي بيقيننا في قلوب أحبابنا الذين لا يجيدون التعبير!

لكن السقيا بغيث الحروف له في الروح عمل عظيم ..

" أنت ما تعرفش غلاوتك عندي " ، " يعلم الله معزّتك في قلبي " ، " أنا بحبك "

مثل هذه العبارات لما بتتقال بصدق -ولو على فترات متباعدة- = كفيلة بإزالة أحمال، وخلق أعذار، واختصار مسافات، وتذويب خصومات، وتوكيد بيان، وطرد لنزغ الشيطان.

صلى الله على من علمنا: " إذا أحب أحدكم أخاه فليخبره "

سلم الله على من قال: " يا معاذ؛ والله إني لأحبك ".
يا رب نعوذ بك من ظاهر (وإن كان ملتزما) يجهد في مواراة سوأة الباطن (المنتكس) !

اللهم اجعل بواطننا رحيمة، خيرا من ظواهرنا المستقيمة ..

اللهم واجعلهما على ما يرضيك عنا .. حبيبنا.
هكذا الدنيا!

كل شيء فيها بثمن، وكل نعمة لها مقابل، وكل اختيار له تبعاته، وكل منحة لها أمد انتظار وصبر ..

المال له ضريبته، والشهرة لها ضررها، والتميز والنجاح له ضغطه .. الزواج له مسؤوليته، والأولاد لهم همهم .. السفر والغربة لها معاناتها، والإقامة والوطن له مأساته ..

حتى الحب؛ له شرطه من تقبل العيوب قبل الفرح بالمميزات!

وإنه لا تتم للإنسان سعادة بنعمة ولا يصح شكره بمقتضاها، حتى يعلم جيدا ذلك الثمن المنوط به دفعه وتحمله والرضا به في مقابلها.

أما الناس فغالب بؤسهم من أنهم إما يريدون راحة بلا هم ولا نصب .. وهذه حياة غير آدمية؛ فالإنسان بطبعه لا يُحتمل أن يكون خفيفا فارغا بلا هدف، ولا هم أو تعب في سبيل هذا الهدف.

وإما أنهم يريدون نعما مجانية بلا ثمن أو مقابل .. وهذه حياة غير واقعية؛ فالدنيا مفطورة على قوانين الموازنة بين الاختيارات، وتحمّل ثمن كل اختيار!

حقيقة السعادة هنا تعني فهمك للثمن .. وتقبلك له.

أما الحياة التي بلا أثمان ملازمة ولا مقابل مدفوع ولا قوانين انتظار ولا سهر ليل ولا نصب نهار .. فهناك .. في الجنة.
لا أدري بدون الصلاة كيف كان يمكن أن نصمد أمام كل ذلك؟!
لا أدري بدون القرآن كيف كان يمكن أن نجد السلوى والتثبيت والبشرى المنعتقة من كل حسابات الأرض الخائنة؟!
قدّر الله الحكيم أن يكون الدور هذه الأيام في ختمة الصلاة على سورة آل عمران!
وفهمت تماما معنى قولة ابن عباس عن موقف الصحابة يوم فجعوا بموت رسول الله، لما تلا عليهم الصدّيق قول الله: (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل ..)
قال: " والله لكأن الناس لم يكونوا يعلمون أن الله أنزلها حتى تلاها أبو بكر، فتلقاها منه الناس؛ فما يُسمع بشر إلا يتلوها ".
لعلنا نعيش ولأول مرة -بهذا الوضوح- هذا المعنى ونعاينه حقيقة في حياتنا!
وأنا أقرأ قول الله: " قل للذين كفروا ستُغلَبون وتحشرون إلى جهنم .. "
وأنا أقرأ قول الله: " قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأي العين والله يؤيد بنصره من يشاء .. "
وأنا أقرأ قول الله: " قل اللهم مالك الملك .. "
وغيرها من المعاني القادمة المشحونة بها سورة آل عمران، والتي تشعرك حين تدبرها فعلا أنها ما أنزلت إلا الآن!
أرسلت لي إحداهن تشكو اهتزازا في إيمانها، وسيطرة الوساوس عليها، واضطرابا في تسليمها لحكمة الله مع هذه الأخبار المدمرة.
ولا أجد علاجا لذلك كالصلاة الخاشعة والتلاوة المتدبرة!
هذا رصيد ينبغي أن يبنى في الرخاء لتستند إليه في مثل هذه الشدائد، فيثبت قلبك ويتحقق يقينك .. وما تزداد في موعود الله إلا ثقة، ولحكمته إلا تسليما.
الحمد لله على نعمة الإيمان .. الحمد لله على نعمة القرآن .. اللهم ومددا وفرجا من عندك يا منّان
لو لم يكن في الدنيا بلاء؛ فلمن أعدت الجنة؟!

لو يكن في الدنيا ظلم وفجور؛ فلمن أعدت النار؟!

لو لم يكن في الدنيا إيمان وأمل؛ فما معنى البقاء فيها؟!

استعينوا بالله واصبروا .. وأبشروا ..
من أعظم المهمات علينا الآن تجاه أنفسنا وأولادنا أن نحفظ معاني المكارم في نفوسنا ونفوسهم، أن نقبض على شمائل النجدة والمروءة والشجاعة في أخلاقنا وأخلاقهم .. ألا يتسرب لنا شيء من العهر المنتشر من حولنا في مواقف الدول والأفراد، في هذا العالم الجبان القذر!

تذكروا جيدا وذكروهم دوما أن نجدة الملهوف والوقوف بجانب المظلوم الضعيف أصل لا يتبدل، وله ثمنه الذي ينبغي دفعه برضا وبلا تردد.

أيقنوا تماما وازرعوا هذا اليقين فيهم أن الجبان يعيش رخيصا، ولو ظن أنه سلم .. فلا سلامة مع الرخص!

تعلموا دوما وعلموهم أن إتيانك متأخرا في بعض المواقف خيانة وبلادة، لا تقل حقارة عن ألا تأتي.

جددوا في عيونكم وعيونهم معايير القدوات، وأسس الاتفاق والاختلاف، وحسن اختيار المعارك وإدارتها، وافهموا وفهموهم أن أهم تلك المعارك هي التي تبدأ داخلنا مع تصوراتنا ونوازعنا ومصالحنا فتترتب عليها مواقفنا .. شريفة واضحة أو نجسة فاضحة!

وأمثلة الشرفاء وأمثلة الأنجاس ليس أبين منها هذه الأيام.

هي حياة واحدة، وهو موت حتمي!

فإما حياة تسر الصديق .. وإما ممات يغيظ العدا.
شيء مشترك لفت نظري في منشوراتهم؛ ألا وهو شوقهم تحديدا ليوم الجمعة!

كأن الجمعة لها عندهم طقوس وطعم خاص ومختلف، عيد حقيقي كما شرعه الله وعلمنا رسول الله ..

ولعل هذا المعنى العظيم من أول ما يفتقده المغترب (حتى لو في بلد مسلم) لأن طقوس الجمعة مرتبطة في الأصل بالتعود والتكرار غير المملول في محيط عائلة كبيرة تشاركك نفس المشاعر!

تعود المسجد الذي تحب الصلاة فيه، وصوت الإمام الذي تحب سماع خطبته .. وتعود لمة الأهل والعائلة .. وتعود طعم الأكل المختار والمعد بعناية تطيبه بركة اليوم .. وتعود الكلمة الساحرة المنوط بها كثير من السعادة في وعود هذا اليوم؛ كلمة (بعد الصلاة).

وأزعم أن ذلك كله تغير حتى -وللأسف الشديد- عند كثير من المقيمين بأوطانهم، مع ضغوط المعيشة وتدهورها على كافة المستويات، بما فيها شعائر الجمعة نفسها!

حتى صارت الجمعة في نفوسنا منوطة أكثر بالذكريات ..

ذكريات النشوة الصباحية والاستيقاظ بنشاط على عكس أيام المدرسة، ذكريات الفطور الدافئ الذي أحكمت السيطرة عليه برائحة الطعمية الطازجة، ذكريات صوت ماء الاستحمام الذي لا يكاد يتوقف مع تتابع أفراد العائلة من قبل موعد الصلاة بساعتين على الأقل، ذكريات رشة العطر المخفي بعناية في الدولاب -دون غيره من عطور البلية الشعبية الملقاة على البوفيه بجوار الباب- لا يخرج إلا في الجمعة والأعياد؛ لأنه في الغالب أتى هدية من قريب ما في العائلة مسافر للخليج، ذكريات المسجد وخطيبه وتأنق أهله بثياب لا تخطى العين إعدادها وكيّها خصيصا لصلاة الجمعة، ذكريات روائح الطعام الفائحة من شبابيك المطابخ في طريق العودة؛ تزيد في جوعك وتحث خطاك للبيت غير مكترث برائحة السمك المقلي من دار عم فلان أو عبق المحشي الواضح من الدار التي تليها أو حتى طقطقة قلي الفلفل والباذنجان والبطاطس لتظبيط ملحمة كشري العدس الأصفر .. فكل حواسك مركزة على الأكلة التي تم اختيارها في بيتكم منذ الصباح وغالبا على بيات من أجل هذا اليوم العظيم!

يبدو أن كل تلك الذكريات وغيرها كانت ما تزال حية تنبض بالصدق عند أهلنا أهل العزة؛ كتعبير منهم عن تمسكهم بالأرض والصمود ورغبتهم في الحياة والدين قبل كل ذلك .. مهما كانت الظروف والصعاب والحصار ..

يبدو أنهم يشتاقون للجمعة لسر ما اجتمعت فيه بركة الزمان وبركة المكان بأرض الرباط!

فاللهم أعد لهم جمعتهم على خير حال وأسعده في عز ونصر وتمكين، وعوض بالخير يا ولي الصابرين 🤲🏻
" القابض فيه على دينه كالقابض على الجمر "

" يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا "

" سنوات خداعات "

إلى آخر هذه النصوص النبوية التي تحذر من فتن آخر الزمان!

ووسط كل هذه الأحداث؛ يسيطر علي يقين بأن أعظم فتن زماننا ليست فقط في الشهوات والشبهات .. وإنما في الصبر والتسليم لحكمة الله.

قتل الأطفال في غزة، اغتصاب النساء في السودان، تجبر الظالمين وفجورهم المتبجح في كل مكان، الجو العام الذي يفرض شعور القهر والكمد .. لا تستطيع الصمود أمام كل ذلك إلا بالتسليم لحكمة الله، والثقة في عدل جزائه ووعد عقابه وبلائه، وتمسكك بدينك قابضا عليه معتصما به!

وهذا غاية الثبات الآن.

آمنا بك يا رب .. الأمر أمرك يا رب .. راضون فارض عنا، وأرضنا في أنفسنا وإخواننا يا رب .. اشف صدور قوم مؤمنين يا رب .. نجنا من الفتن يا رب .. اختم لنا بالإيمان يا رب.
Media is too big
VIEW IN TELEGRAM
" إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غرّ هؤلاء دينهم ومن يتوكل على الله فإن الله عزيز حكيم "

ما لنا غيرك يا الله.
HTML Embed Code:
2024/03/28 19:14:54
Back to Top