TG Telegram Group Link
Channel: قناة الأستاذ/ محمد عطية
Back to Bottom
في الابتلاءات ..

الصبر واجب

والرضا درجة أعلى؛ مستحب

أما الشكر فلا يبلغه إلا الخلّص الأصفياء، الذين رست قلوبهم على شاطئ الحب فأقاموا .. وهم يشكرون حبيبهم -سبحانه- على كل ما يصلهم منه؛ لنفاذ بصيرتهم لمعنى الحكمة في الألم وحقيقة الوصل في الاصطفاء به.

وفي العلاقات ..

انتظار القصاص ممن ظلموا وآذوا؛ قطعوا فما وصلوا، وغدروا فما برّوا، وجحدوا فما ذكروا، وفضحوا فما ستروا، وعجلوا وما صبروا .. انتظار القصاص منهم بالحق حق

والعفو عنهم ومسامحتهم درجة أعلى؛ مستحب

أما رجاء الخير لهم فلا يبلغه إلا الطيبون الأنقياء، الذين استغنوا بحسن الظن بالله الكريم .. فاستحوا وهم ينتظرون، ثم كانوا أشد حياء بعد تمام ما انتظروه!

وحياؤهم في الحالتين من جنس حياء الأولياء الذي يضنون بخطرات قلوبهم أن تنشغل بغير ما يحبه ربهم .. فطهروها من كل أثر، واحتسبوا كل ما مرّ، ولم يجدوا مشقة بعدُ في تجاوز الأذى ومقابلته بمحبة الخير.

هذه مرتبة بالطبع لا يخاطب كل الناس بها، ولا يطالبون في مجملهم بتحقيقها؛ فهم بين ظالم ومقتصد وسابق؛ بين واقف على شاطئ الوهم ومقتحم لبحر الحقائق .. غير أن بلوغها لمن فاز بها يعني كمال التعافي من الماضي، وتمام النعمة في الحاضر، وتصور الأمان في المستقبل!

وسبحان مقسم الأرزاق، وواهب العطايا .. اللطيف بعباده في الظواهر والخفايا.
ويحدث أن تتعود الصمت الطويل .. ويحدث أن تبوح لأحدهم دون غيره !

بعض البوح يرتب أوراق نفوسنا المبعثرة ..
بعض البوح يوقفنا على دروب جمال كانت وسط همومنا متعثرة ..
بعض البوح يعطينا الأمل .. وإن لم يكافئنا إلا بلمعة عين، مبهرة.

أن تكون كتوما، تجيد إغلاق صدرك = نعمة .. وأن تلقى روحا يكفيك منها أن في الدنيا مثلها = نعمة أكبر !

سلام على من ينشرون في قلوبنا السلام.
يا حاملي سُرُجَ الأمل .. أحيطوها بقلوبكم؛ لا تطفئها ريح اليأس من حولكم!

كونوا تأويل الواقع لحلم الخيال ..
كونوا شرح الطبائع لمتن الجمال ..

يا مشيدي صروح العفة .. لن تيأس معاول الغواية من ضرب الجدران ..

فاثبتوا وبشروها بالخسران!

لا تحبطوا من واقع بنته (صخور) القسوة .. ونحتته (أمواج) الجفاء ..

بإمكانكم دوما رفع (منارة) حب .. ترنو للسماء.
" حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم "

ستجد غالب الناس يحب أن يكون طائعا مستقيما!

لكن صدقهم في هذا الحب، وفي السعي لتطبيق هذا الحب = هو ما يوصل الصفوة منهم فقط لهذه الفارقة:

" وكرّه إليكم الكفر والفسوق والعصيان "

طوّع الله لهم نفوسهم، وأعانهم على ضعفهم ونزواتهم .. فلا والله ما يحبون المعصية وطريقها؛ نزع الله من نفوسهم لذتها، وأنار بصيرتهم فيرون قبل التلطخ بها عواقبها .. تلوح الفتنة لهم فيستعيذون بالله من شرها؛ بغضا للقائها أكثر من خوفهم أن يميلوا لها!

لتصبح مجاهدتهم في حقيقتها تجنبا لما يكرهون .. وتصير عبادتهم في دافعها حرصا على ما يحبون؛ لرضا من يحبون.

سمت بهم حساباتهم .. ولانت لهم مراداتهم .. ورضوا بالله لما رضي هو عنهم.

ذاقوا حقيقة الأنس، وعرفوا .. وشربوا من مدد الصفاء، واغترفوا ..

أولئك المصطفون أهل الله .. أرحم خلق الله بخلق الله .. وأزهد خلق الله في خلق الله .. وأنفع خلق الله لخلق الله!

صحبتهم جَنة، وقربهم جُنة .. حياتهم بالله سرور، وموتهم لمناهم عبور، وذكرهم ممتد البركة، نور!

طوبى لهم حيث حطوا رحالهم ..

يا رب .. بلّغنا منازلهم واحشرنا في منزلتهم.
يا معشر من يحب الله ورسوله .. ويريد الالتزام والقرب ..

مشفق أنا عليكم .. وعلى نفسي !

حال من يفترض بهم أن يدلوكم على هذا الدرب -إلا من رحم ربنا- مربك .. وبعض الصدامات تسبب نوعا من الصدمات مهلك ..

أعلم أنك تحار بين ركام النصائح والتأصيلات، والفيديوهات والمنشورات، والتحذيرات والانتقادات، والشلل والمناكفات .. حتى صار أعسر سؤال في أيامنا هذه:

أسمع لمين وأستفيد من دعوة مين ومين يرقق قلبي ويدله على الله ؟!

وإني ناصحك ونفسي بأمور؛ عسى الله ينفعنا بها في أيامنا هذه:

1) لا تسلّم عقلك لأحد من الأحياء كائنا من كان.
2) إياك والعصبية العاطفية؛ فستفقد معها الإنصاف .. وتجد نفسك منتقلا دوما بين صفوف المشجعين على بياض، وصفوف الكارهين المبالغين في الإعراض .. مجرد أولتراس يستخدم كوقود لمعارك تثيرها كثير من الأمراض !
3) نعم؛ أمراض .. لا تغتر بأحد ولا تبالغ .. كل الناس بشر .. مهما بلغ علمهم، أو حسن وعظهم .. ولعلك إن اطلعت على كثير من الكواليس وأحاديث المجالس الخاصة تُفتن في دينك .. فرفقا بقلبك !
4) أنا لا أدعوك بهذا لسوء الظن .. بل أدعوك للإنصاف، وأخذ ما يفيدك من كل أحد .. شاكرا الفضل، دون تقديس .. متجاوزا للعيب، دون انتكاس .. متفهما للطبيعة البشرية، دون إسقاط بالكلية.
5) من لا يملك بضاعة إلا النقد = يقسي قلبك، ولا يصلح عملك .. وهم والله يعلمون أنهم فقدوا لذة العبادة بكثرة الجدل، لو أنصفوا من أنفسهم .. ثم عمرك أغلى من تتبع أخطاء فلان وعلان.
6) أخطاء الناس وعيوبهم تمثلهم هم، وتعكس أخلاقهم ونفسياتهم .. لا منهجهم ودينهم؛ مهما كانوا متحققين بالدين عالمين بأحكامه .. فعليك بالأصل والزم الحق وعُد إليه، لا ترتد على عقبك بسبب أحد.
7) الدين واضح سهل، عظيم يسير، غني عن كثير مما ترى وتسمع من تعقيدات .. ولذا أدلك على وصفة أفلح من لزمها:

•الزم هذه الأصول ما حييت؛ فثمّ الجنة:

الصلاة في وقتها - صاحب القرآن - أدمن الذكر - خالق الناس كلهم بخلق حسن - لا تنشغل بمحاكمتهم وتصنيفهم؛ لك ما ينفعك وعليهم ما دون ذلك - لا تيأس من التوبة أبدا، مهما تكرر ذنبك - أبغض الذنوب، ولا تكف عن حب التوبة لأهلها.

تولاني الله وإياك بلطفه وبلغنا الأمان .. ونجانا من أمراض القلوب وأهواء النفوس وآفات اللسان .. وأخرجنا منها بالستر والرضوان.
أغننا بحلالك عن حرامك !

إن كانت المشاعر لا تخضع لقانون الحلال والحرام؛ فهي لا تُملك .. فالمجاهدة في العمل، وأن يعلّق بالله وحده الأمل، ومكابدة الصبر في حال الوهن والثبات عن الزلل = كل ذلك يقود القلب لأطهر مسلك.

إن الذين لطخوا الحب بضعف النزوات = لم يعرفوه .. أو قلت قيمته وهان معناه في نفوسهم بقدر ما لطخوه !

ولذا لا تعجب من سؤالهم عن نفاذ الأرصدة المفاجئ في حسابات الروح .. واعجب في الجهة الأخرى من خلود سطور في صفحات قصص ولدت، وليس لها في الدنيا طموح .. نسمات ريّ على الذكريات العطشى؛ تغدو وتروح ..

من الجنة .. وإليها تعود.
وجود الحب = تفسير لما يبدو حقيقيا مهيبا نبيلا، لامعا كالنجوم!

وغياب الحب = تفسير أيضا لما يبدو ملغزا محيرا صادما، غير مفهوم!

الحب -وجودا وعدما- = هو كلمة السر دوما.

ويوم ما تتعجب ليه حصل كده أو ليه عمل كده .. من الإكرام، أو الغدر!

أضف عنصر الحب للمعادلة (مهما كنت مستبعدا له)، أو احذفه منها (مهما كنت متأكدا منه) = ينقضي عجبك، ويتضح دربك .. بالسعادة والسعي ثم الاطمئنان حال الإضافة، أو باليقظة والاستغناء ثم النسيان حين الحذف.

إن بلوغ الحقائق أجمل ما في الدنيا .. ولذا كان الإيمان أغلى كل شيء؛ لأنه رأس الحقيقة.

نعوذ بك اللهم أن نَخدع أو نُخدع .. وآتنا اللهم صدقا يغمرنا بالأمان فلا نجزع!
وما دام القلب عاكفا في حرم الإخلاص، فـ (للقلب) رب يحميه ..

اللهم (أبابيل) مددك؛ فـ (إبرهة) الهوى يحشد جنده !

اللهم إلا تحمنا = نهلك.
الطعام الساخن المطهي من أجلك؛ ينتظر موعد عودتك = أوضح ما يمكن أن تكتشف من خلاله أبعادا عظيمة للحب والرحمة!

الإسراع آخر اليوم الطويل؛ شوقا وجوعا لحيث يأنس القلب وتسكن الجوارح = يبرز الضعف البشري والاحتياج الإنساني المجرد كأجمل وأصدق ما يكون!

ولذا تعجبني هذه الكلمة التي تقال على سبيل النكتة، وهي تنطوي على أجمل طعم في الحياة؛ طعم الشبع:

" أنا لما بحب حد؛ بكون عاوزة أطبخله "

مثل هذا الطبيخ يشبع الروح والجسد معا.

ولا أدري كيف يسوغ لأحد أن يقلل من شأن هذه المهمة، أو يتخذها موضع سخرية واستهانة .. وهي التي تهوّن في الحقيقة كل شيء!

رضي الله عمّن يجعلن للحياة ذلك المعنى الآمن بأنفاسهن .. في الكلام، وفي الطعام.
وفصلت عير الشوق .. والقلب يجد ريح رمضان!

يا قميص الصوم بشّر بارتداد بصر الروح، المنهكة بالانتظار ..

سيأتي التأويل .. أجمل من كل الأحاديث ..

وفي محراب التراويح لنا للرضا سعي حثيث.

اللهم البلوغ والقبول .. اللهم صلاح الدين والدنيا يا أكرم مسؤول 🤲🏻
وإني لأعرف الأخ هنا تغلب على طبعه حدة بادية في أسلوب منشوراته، وعجلة وتسرع ظاهر في تعليقاته، ونزوع للتترس من معاني الحب وأحاديث المشاعر بدرع مصطنع من الجمود والسخرية!

ثم أعرفه بعد زواجه ألين وأصبر، وأرق وأنضر ..

حتى ملامحه في الصور تبدو وقد زال عنها وعثاء الوحدة وشعث الانتظار.

وإني قد ألاحظ الأخت هنا تغلب على تصوراتها في منشوراتها وتعليقاتها وإيموجاتها واستفساراتها واتفاقها واختلافها أمنيات حالمة، وتنظيرات ظالمة، وظنون بعيدة عن الواقع سلبا أو إيجابا!

ثم ألمس من حروفها بعد زواجها نضجا وفهما، ورحمة وعدلا ..

وإني أجزم أن غالب معارك الجنسين هنا (بذكوريتها ونسويتها) ناشئة عن خلل في التصورات وانقطاع عن الواقع وجهل بالدين، أو ردود أفعال متشنجة لعلاقات فاشلة مؤذية أخذت من أعمارهم ولوثت فطرهم وسممت أفكارهم .. ولو أن كثيرا منهم وجد شريكا لحياته يخرج منه أجمل ما فيه، لما كان واقفا الآن في أرض معركة خاسرة موجها سلاحه الفاسد للطرف الآخر برصاص تهم ولدت في ظلمات الألم والندم!

العلاقات الصحية المحفوفة بالرضا ليست فقط أمانا لأطرافها، بل أمان على الحقيقة للبشرية كلها ..

رضي الله عمن يضربون للناس بجمال طباعهم وسداد أفكارهم ورقيّ علاقاتهم الأمثال، وحفظنا الله ممن ينشرون سواد أفقهم في الفضاء؛ متمسحين بالدين أو معادين له على السواء، من النساء والرجال.
يا كل الهموم التي أرهقتنا طوال العام!
جاءتك بالفرح ليالي رمضان.

‏يا كل الذنوب التي أسرتنا في الرق!
جاءتك بالبشرى ليالي العتق.

يا كل الحاجات التي تعسرت، ولألمها في القلب نحيب!
جاءتك باليسرى أسرار (فإني قريب).

يا ثوب القلب الخَلِق، أقبلت ليالي رمضان بحُلل إيمان جديد!
فخذ من الآن زينتك، ليوم العيد.

رمضان يا عتبة حدائق الفرج .. رمضان يا رافع الحرج ..

اللهم وأنت توزع الأرزاق فيه كل ليلة بلا حد، اقسم لنا من أوفر ما تعطي لأمة حبيبك سيدنا محمد.

عليك يا رب جبر الخاطر .. لطفك يا رب في جوف المخاطر .. رحمتك يا رب وأنت القادر .. نعمتك يا رب وعبدك لك شاكر ..

ما لنا غيرك يا رب .. وأنت الأول الآخر.

الحمد لله على رمضان .. الحمد لله على ما سيكون، وعلى ما كان .. الحمد لله على فرصة النجاة ..

الحمد لله على رسول الله.
دعاء الوتر
الشيخ محمد عطية
دعاء الوتر - الليلة الثالثة - رمضان ١٤٤٤
HTML Embed Code:
2024/05/03 23:45:28
Back to Top