ينتشر بين الناس وطلبة العلم هذا الأثر وقد سئلنا عنه مرارا :
[ عن بشر بن الوليد القاضي، قال:
كنّا نكون عند ابن عيينة، فكان إذا وردت عليه مسألة مشكلة يقول:
هاهنا أحد من أصحاب أبي حنيفة؟
فيقال: بشر .
فيقول: أجب فيها، فأجيب .
فيقول: التسليم للفقهاء سلامة في الدين .
تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 82/7 ]
قلنا : وهذه الحكاية كذب وقد نبه الخطيب البغدادي على كذبها فلا أدري كيف يستحل هؤلاء نقل مثل هذا الكذب الصريح
قال الخطيب :
قال الخطيب في تاريخ بغداد [ 5 / 338 ] :
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو عَبْد اللَّه الْحُسَيْن بْن عَلِيّ الصيمري ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد الحلواني ، قَالَ : حَدَّثَنَا مكرم بْن أَحْمَدَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد يَعْنِي الحماني ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن المثنى صاحب بشر بْن الحارث ، قَالَ : سَمِعْتُ ابْن عُيَيْنَةَ ، قَالَ :
[ العلماء؛ ابْن عباس فِي زمانه، والشعبي فِي زمانه، وَأَبُو حنيفة فِي زمانه، والثوري فِي زمانه ] .
قلت - الخطيب - : ذكر أَبِي حنيفة فِي هَذِهِ الحكاية زيادة من الحماني
والمحفوظ، ما أخبرناه عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الْمُقْرِئ الحذاء، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدَ بْن جعفر بْن سلم الْخُتُلِّيّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الخالق، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر المروزي، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن أَبِي مُحَمَّد، عَنْ سُفْيَان بْن عُيَيْنَةَ، قَالَ :
[ علماء الأزمنة ثلاثة : ابْن عباس فِي زمانه ، والشعبي فِي زمانه ، وسفيان الثوري فِي زمانه ].
فإن قيل: ما أنكرت أن تكون رواية الحماني صحيحة، والرواية الثانية نقص منها ذكر أَبِي حنيفة وحذفه بعض النقلة ؟
قلت: منع من ذلك أمران :
أحدهما : أن عَبْد الرزاق بْن همام روى عَنِ ابن عيينة مثل هَذَا القول الثاني سواء.
والأمر الآخر : أن المحفوظ عَنِ ابن عيينة سوء القول فِي أَبِي حنيفة
من ذلك ما أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّهِ الحنائي، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّد عَبْد اللَّه بْن أَحْمَدَ بْن الصديق المروزي، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد المنكدري، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن أَبِي عُمَر، قَالَ: سَمِعْتُ ابْن عُيَيْنَةَ، يَقُولُ: ...
وَأَخْبَرَنَا ابْن الْفَضْل، أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّه بْن جعفر بْن درستويه، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوب بْن سُفْيَان، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن أَبِي عُمَر، يَعْنِي: العدني، قَالَ:
قَالَ سُفْيَان: [ ما ولد فِي الإسلام مولود أضر على أهل الإسلام من أَبِي حنيفة ] .
وهكذا روى الحميدي عَنِ ابن عيينة، ولسفيان بْن عُيَيْنَةَ فِي أَبِي حنيفة كلام غير هَذَا كثير يشبهه فِي المعنى، قد ذكرناه فِي أخبار أَبِي حنيفة.
ولو كَانَ ابْن عُيَيْنَةَ أعظم أَبَا حنيفة ذاك الإعظام وجعله رابع أئمة علماء الإسلام لم يقدم عَلَيْهِ بالقول الشنيع هَذَا الإقدام.
فبان بما ذكرناه أن أَحْمَد ابْن المغلس زاد فيما روى واختلق ما حكى، ونسأل اللَّه العصمة من الزلل، والتوفيق لصالح القول والعمل.
* حَدَّثَنِي أَبُو الْقَاسِم الأَزْهَرِيّ، قَالَ: سئل أَبُو الْحَسَن عَلِيّ بْن عُمَر الدَّارَقُطْنِيّ:
وأنا أسمع عَنْ : جمع ( مكرم بْن أَحْمَدَ ) فضائل أَبِي حنيفة ؟
فَقَالَ : موضوع كله كذب ، وضعه أَحْمَد بْن المغلس الحماني ، قرابة جبارة ، وَكَانَ فِي الشرقية . انتهى
وإسناد الحكايتين واحد فكله كذب لم يكن منه شيء ولا يحل لمسلم نقله ونشره بين الناس فضلا عن طالب علم أو من له سبب بالعلم
والله المستعان
https://hottg.com/latnshor
>>Click here to continue<<
