TG Telegram Group Link
Channel: بَلا ولاشي.
Back to Bottom
Midnight
Music
تشعر ان الأمكنة تفرغ فجأة وأن الأمكنة الشاغرة في هاجس أشباحهم، يطوفون عبر الأشياء الصامتة وأنت هنا، وحدك او أقل، تفتقد شيئًا ولا تراه. تحن إلى شيء ولا تجد ما يرفع عنك هذا الحنين. تعلم أن من شان الآخرين أن ينتصروا. أن ينهزموا، ومن شانهم أن ينسجوا من كلّ عزلة لك أشدّ ألمًا وأقرب إلى لحظة الغياب. أنت لا تعلم، لا ترغب في ذلك، فقط تبتعد كلما أقترب منك حشد. كلّما أقفرت الأمكنة. لست مغتبطًا، ولست حزينًا. ولست حائرًا بين الحالتين. ترى، فقط ترى، وتصمت. ولا تبالي. تجعل من كل شيء ذريعة للانكفاء، جسدك، حتى كثيرٌ عليك، أفكارك، الأحاسيس التي لا تعرف من أين كلما أقفلت بابًا. كلما أغلقت نافذة. كلما اغلقت ضوءًا.
أسامعٌ أنت قربي شيئًا؟
أهناك أصواتٌ أخرى غير صوتي؟
أهناك عاصفةٌ؟ أنا أيضًا عاصفة،
ولكَ تُلوِّح غاباتي.
أهناك أغنيةٌ صغيرة متألمة
تثيرك حتى لتعجز عن أن تسمعني؟ —
أنا أيضًا أغنية، فلتسمعها،
أغنية متوحدة لا يريد سماعها أحد.
ما برحت ذلك الذي كان مرارًا
يسألك في الضيق من أنت.
كل غروبِ شمسٍ كان يتركني
مجرَّحًا ويتيمًا،
شاحب الوجه منفصلًا عن كلِّ شيء،
مطرودًا من كلِّ جماعة، كلُّ الأشياء
كانت تنتصب أديرةُ أكون فيها سجينًا.
على الأنقاضِ وردتنا
ووجهانا على الرملِ
إذا مرّتْ رياح الصيف
أشرعنا المناديلا
على مهلٍ.. على مهلٍ
و غبنا طيّ أغنيتينِ، كالأسرى
نعبرُ في الطريقِ
مكبّلينِ..
كأنّنا أسرى
يدي، لم أدرِ، أم يدكِ
إحتستْ وجعًا
مِنْ الأخرى؟
كأنّا عابرا دربٍ،
ككلّ الناسِ،
كنتُ دائمًا في تلك الأيام من الصيف، أرقدُ تحت ظل شجرة قضبان بيضاء بجانبكِ وأنتِ واقفة ترسمين بحماس لوحة لذلك المنظر الذي تملأ سطحه أعشاب السُهوب اليابانية.
ثم في الغروب، عندما تنهين عملك، تأتين بجانبي فيضع كل منا يده على كتف الآخر ونظل لفترة من الوقت نتطلع إلى الأفق البعيد الذي تغطيه كتل من الغيوم العالية التي اصطبغت حوافها فقط بلونٍ أرجواني. كما لو أن ذلك الأفق الذي أوشك أخيراً على الغروب،
سيلدُ شيئًا ما…
أن نهجرَ الآن هذه الأشياء الغامضةَ كلَّها
وكلَّ ما نملكُ وما لا يعود مع ذلك إلينا،
والذي، كماءِ النوافير الهرِمة،
يعكسُنا راجفًا ويشوّه صورتَنا؛
كلَّ هذه الأشياء العالقة بنا مرّة أخيرة،
كنباتاتٍ مسلّحة بالأشواك؛ - ألّا نتوقف،
وأن ننظر إلى هذا أو ذاك،
اللذين ما عُدنا لِنراهما
(لفرطِ ما أصبحا يوميين ومبتذلين)،
أن ننظر إليهما عن كثبٍ وعلى حينِ غرّة؛
بعينٍ رقيقة ومُسالمة كأننا نراهما لأولِ مرة؛
وأن نشعر، بصورةٍ غامضة، كم أن الألم
الذي كان يملأ طفولتنا حتى لَتغصُّ به،
هو شيءٌ ينقضُّ بلا تمييزٍ على كل واحد-
وأن نغادر مع ذلك، منتزعين اليد من اليد
كَمن ينكأُ جُرحًا مندملًا،
وأن نروحَ أبعدَ. إلى أين؟ صوب المجهول،
إلى أرضٍ غريبة، نائية وحارة،
تقف وراء أفعالنا مثل كواليس
لا يهمّ أن تكون حائطًا أو حديقة؛
أن نرحل؛ ما يحدونا؟ غريزةٌ أو اندفاع مفاجئ
لهفةٌ أو حاجةٌ غامضة،
بلاهةٌ أو انعدام قدرةٍ على الفهم.
أن نتحمَّل وزرَ هذا كلّه، تاركين للا سبب،
أشياء ربما كنا نملكها حقًّا،
لنموت وحيدين دونَ أن نعرف لماذا-
أهيَ بدايةُ حياةٍ جديدة؟
ماذا يودُّ الوحيدون، مثلي ومثلك، غيرَ ارتكاب المرور، نطيرُ قريبًا إلى آخر العمر ولا تذكُرنا اللافتات، كما الرَّيح نطبع في العابرينَ انتشاء الحقول وننسى العبث.
تَذكُر حين كنا نسيرُ في لوحةٍ عابرة؟ لقد كنتُ أبلغ مما أنا فيه وأقصر من حَيرة حافلة، ونسِينا وقتها رحلتنا فوق الزُجاج، لم يكن عمرنا غير ذلك التأمُّل في ندم الطريق.
تلُّم الجريدة كلما همَّ أحدهم بالنزول \ ليُكسر حديثنا الجانبي.
والآن يا مؤيد لنا خسارةُ الحكمة التي في وهمِنا.
وضجر الدنيا من كثرة الوحيدين
ولنا كلُّ هذا الوقوف في الحافِلة.

في ردهاتِ المشافي أرى روحك تفكر بالهاربين إلى الألمِ
الألم؛ الدليل الوحيد على اختراق حظرِ التَّجول.
عمرنا سردٌ تجوَّلَ في حياة المتعبين
في فندق كلما أرهقته طائرةٌ ينام
أعمى هو العمر من دون أيامك، كأن المسافات البعيدة عينٌ واسعة لا ترى.
أعتدت وضع يدي على فمي كلما ضحكت بشدة، سألني مرة لماذا أفعل ذلك؟
أجبت بأن هناك جزء من أسناني غير منتظم، أثار هذا الجزء سخرية الجميع منذ طفولتي؛ لذلك كلما ضحكت، حرصت على تخبئتها بيدي.
تعجب من إجابتي وأكد انه لم يلاحظ هذا الجزء من أسناني أبدا، وحتى إبتسمت دون أن أعلق، ف منحني إيماءة رأس تعني إنني افهمك.
أنا ايضاً لدي ما يثير السخرية مني.

ثم بدأ يعدد نواقصه، ف أشار لقمة رأسه موضحاً أن هناك نتوءا يظهر عندما يعبس، عبس وأظهره لي، وتتبع جرحًا غائرًا أسفل حاجبه الأيسر، وضع إصبعا حلى حافه إذنه ليشير إلى زائدة جلدية، فرد يده وأشار الى خنصره الذي كسر فيه عظمة وهو صغير ولم يعد الإصبع لشكله الأصلي أبدًا.

ثم هب واقفًا موضحًا أن حتى مشيته بها إعوجاج طفيف. مشى عدة خطوات أمامي ثم توقف على بعد متر مني ثم استدار فاتحاً ذراعيه بشكل إستعراضي.

إبتسمت وأكدت إنني لم ألحظ أي شيء مما قاله أو أشار إليه يومًا!
قال مازحًا بتباهي وغرور مصطنع ،"أيوة، ما هو اللي بيحب حد ما بيشوفش فيه حاجه غلط"

ضحكت لدعابته، ضحكت بشدة دون أن أحاول حتى وضع يدي على فمي ، لأول مرة من سنوات..
هنالك لحظات في حياة الإنسان، لحظات ليس غير، تطول وتعمق لتتشكل بعدها الحياة بشكل آخر لا محيص عنه. كان العالم الضاج حولنا، بعيدًا بعد النجوم؛ وكنت أتتبع أنفاسه المختنقة رويدًا رويدًا، بقلبي الواجف. لم تكن حياتنا معًا قد اكتملت. ولم أود أن أفقده وأنا وسط أزمتي الخاصة. هكذا كانت شهقته الخافتة وارتماءة رأيه، إيذانًا ببدء عذابي. سحبوه من بين ذراعي محملًا بيأسي وأخذوه حيث لم أره. وبعد ذلك، لم أعلم وأنا جالس على تراب الرصيف فارغ الذراعين، هل بكيت من أجل تلك العينين الذاهبتين إلى الأبد، أم جزعًا من أيام الشك المريع المقبلة؟
نشازٌ أنا، والزمن
يمزق كلَّ وليدٍ للفرح في داخلي.
وبمشقة يحفظ أصداءه في صوت الأشجار.
الحبُ ضائعُ، هكذا أرى،
ولا إنسانية في الذكرى.
أثر الجرح السماوي يشعًّ على جسدِ الميت،
أجساد مرصّعة بالنجوم تسقط في الأنهار.
ساعةٌ تنمو جشّاء مع المطر الناعم،
أو تبعث لحنًا في هذا الليل الأبدي.
لسنواتٍ طوال أنا نائم
داخل زنزانة مفتوحة في وطني،
أعشاب بحرٍ تزاحم بالمناكب مياهًأ رمادية:
نيازكٌ تهدر في هواءٍ ساكن.
أشاحت بوجهها غير راغبة في النّظر إليه، وواجهتِ الشّمس، وقالت: هل يمكنك الإمساك بالرّيح أيّها المروِّض؟ هل يمكنك أن تأتي بالقمر؟ ثمّة أشياء لا تستطيع تغييرها. وقد قبلت بهذه الحقيقة، وسوف تقبل لها أنت أيضًا يومًا ما.
تتوهج السماء عند الغروب بألوانٍ عجائبيّة
برتقاليٌ باهت، أرجوانيٌّ متورم، أزرقٌ
يتدرج بألوانه إلى نيليّ ليليّ، وزهريٌ وأحمر
يمتزجان دون أن يظهرا بوضوحٍ صارخ.
كانتِ السماء في أوجها تبدو كجرحٍ مفتوح
لكنّه يسلبُّ اللُّب.
وددتُ أن أقول: "أنظروا جميعًا!
أنظروا كم أن السماء جميلة!"
لكنها أمست داكنةً ظلماء بلمح البصر
قبل أن أتمكن من التفوه بشيء.
وأتعجّب لقدرة كل شيء على التبدل
قبل أن تعي ذلك وقبل أن تعتاده،
بمجرد أن تألف وجهًا ما
تأتي الحقائق أو يأتي الزمن
ويشوهان هذا الوجه الذي أحببته
وتنظر في الوجه المشوه آملًا أن تجد
بقايا ما ألفته.
لكن سعادةً مزيفةً أتت
لتأكل فُتات الحنين
كيف تبدو الأشياء قبل أن يفتك بها
الوحش الذي نسميه نضجًا.
لقد نسيتَ كيف تجمع حطام قلبك
لتقدّمه للمنشودة التالية
لقد نسيت العاطفة والسذاجة الحلوة
التي كانت تجعل عيناك تتلألأ
نسيتَ كيفية الكتابة وعصر القصيدة
من قلبك المبتلّ،
نبقى لننظر إلى الغروب كلّ يوم
آملين أن تتوهج السماء بألوانٍ
تشبه الألوان التي أحببناها
حتى حين نعرف جيدًا
أنها لا تعطي المنظر ذاته مرتين.
سيمحو المدُّ الدرب الصاعد إلى المصبّ
وتتساوى الأشياء من كل صوب؛
لكنَّ لهذه الجزيرة عينين مغمضتين بإزاء الأمواج
وبصورةٍ غامضة يطوِّق السّد بدوائره
سكانّها المنغمسين منذ ولادتهم
في نومٍ يخلطون فيه العوالم،
صامتين، إذ يندرُ أو يفوهوا بكلام
وكلُّ عبارةٍ ينطقونها هي مثل شاهدةِ قبر
لشيءٍ ولد من الأمواجِ وما برِح مجهولًا
جاءَهم بلا تفسير وبلا تفسيرٍ يبقى بينهم.
كذلك هو المشهد المُعطى منذ الطفولة

لإنظارِهم: عالمٌ مفرِط الكبرِ،
غريبٌ، لا يمكن تطويعه، وليسَ يناسبهم،
ولا يفعل سوى أن يحيل عزلتهم أكبر.
HTML Embed Code:
2024/05/02 20:53:03
Back to Top