TG Telegram Group Link
Channel: H E A R T
Back to Bottom
الرهينة
- زيد مطيع
ماذا يعني أني لن أجدك؟ ماذا يُرى في فكرةٍ كل ما تحمله أني لن أجدك؟ وما الذي يُرجى من أساسها؟ وكيف لي أن أعترف أني لفرط ما فكرت في الأمر وجدت أن جميع الأفكار تثبت كلامك، أني لن أجدك ثانية؟ شيء ما في عميق هذا الفكر يستحيل من الثبات إلى الشتات، يرفض كل ما في الفكرة من أولها لآخرها. وهل ثمة أمل؟ ولم أنا صرت أقتطع كل أمل صغير يصعد فجأة، دون أن أدع له مجالاً لينبت؟ وما الذي أنتظره؟ أو قولي ماذا يفعل إنسان ترك كل شيء في يده وقرر أن ينتظر كي ينسى؟ فإما أن أنسى، وإما أن أنتظر على هذه الطريقة حتى أنسى. ما الطريقة التي ينسى بها الناس؟ ما الذي يجب أن أفعله لأنسى أني أحببتك مرة، أحببتك ذات مرة، وأنك كنت ذات مرة كل ما أمتلكه من حاضر، وكل ما أمتلكه من مستقبل، وكيف أنسى أني أحببتك بحق، بكل ما بي من اندفاع دون أن أدع مجالاً للتراجع أو التردد. ماذا يعني أنك لست هنا، في هذه اللحظة، والآن؟ وماذا يعني أني أواجه هذه الأفكار لوحدي، في ركني المعتاد، في شق في جدار متشرخ، لا صوت ولا حشرجة ولا أي نداءات في داخله، ولا أثر لوجود شيء فيه غير كتلة واحدة قررت أن تنتظر.. انتظار نبيل نابع من قرارة القلب لا يُرجى منه شيء غير النسيان.
سيدة من البحر - هنريك إبسن
وفي نظرة قلق وألم بدأت عينا أيونا اللتان لا تستقران في مكانهما ترقبان الجماهير وهي رائحة غادية على جانبي الطريق، ألا يستطيع أن يجد بين هؤلاء الآلاف من يستمع إليه، ولكن الجماهير كانت تمر به لا تشعر بشقائه.. وشقاؤه عميق لا حدود لعمقه ولو انفجر قلب أيونا وفاض شقاؤه لأغرق الدنيا بأجمعها فيما يبدو، ولكن أحداً ما لا يراه. فقد وجد الشقاء مخبأ في مكان تافه، مكانٌ لا يمكن أن يصل إليه إنسان بشمعة في ضوء النهار.

أنطون تشيخوف – الشقاء
يساق الإنسان لكل أموره إكراهاً وغصباً لا تحبباً منه فيها، إلا ما رحم الله من ذلك النزر اليسير. والوحدة أول ما يكون في سلم الإكراه، وليس الخوف منها أنها تفتقر إلى الاجتماع أو القدرة على التعبير، بل ما يترتب عليه بعدها إذا ما استمرت طويلاً.. وإني لترتعد فرائصي حين أفكر في الخطى الصحيحة التي يجب علي أن أهتدي إليها. ذلك أني أجد نفسي في كثير من الأحيان أشد قرباً مما سبق لهذه البؤرة التي تتحطم فيها الرغبات، وتستحيل خلالها الطاقات إلى جمود ورتابة. فلا شيء أمر على النفس والبشرية أن تتجرعه أكثر مما تتسبب به الوحدة الطائشة والمبهمة التي لا يعرف لها أي سبب كان. هذه الوحدة التي ما إن تتداعى حتى تمس الجسد والروح بشيء من الخوف، تستحيل حياة المرء بعده إلى انغلاق وتفرد تامين عن سائر الموجودات من حوله..
بوسع الإنسان أن يظل صامتاً، ولكن دوماً ما كان الجمود يرافق الصمت في كل مكان وحين. وأسكت لأن الحيرة تكون قد أصابت عمق قلبي، فلا أجد جرأة للكلام. بينما معنى أن يتخذ المرء السكوت الذي يتجلى له حلاً واحداً بين الآلاف من الحلول الأخرى لن يكون ذو قابلية للتفسير، إلا أنه يطول فيما بعد، لأنه يتحول في داخله من الحيرة إلى الخجل، تحول يغير كل معانيه وتفسيراته، وهو يغير معه شعورنا تجاه كل شيء، حتى تتلوى يد الحيرة على نفسها وتتبخر، فما يعود موجوداً غير الخجل الذي يكبر ويكبر حتى يغطي كل شيء لضخامته.
لقد أفنيت في عمري صراعاً عقيماً مع الناس، حيث لم أجد من الناس من يتقبل محبتي، فصرت أتقيأ هذا القهر حتى أصاب الخفوت ملامح وجهي فما عدت غير كائن يبصر الكل في عينيه الجمود والخسارة.

ب.
هو لا يتحدث على الإطلاق لأنه لا يعرف كيف يقول لها: صباح الخير، مرحباً، كيف الحال.. ولا متى يقول ذلك.

دابادا - حسن مطلك
بعد سفر طويل.. حطت الفراشة
تنظر إلى المرج الذي يتفجر بالأزهار
هل تنسى هذه الشمس القديمة كل ما زرع بصمت؟

وهل كان كل ما مضى
بمشقاته الكثيرة كلها
بلياليه الطويلة الساهرة
غير أننا انتظرنا يوم راحتنا الأخير
حين نشعر حقاً أننا قد صرنا أحراراً أخيراً
بعد سفر طويلٍ، شاقٍ، ومتعب

قريباّ، سيغدو وجه هذا المرج أخضر ينبع بحياة لا تنقطع
وتنمو من قلبه أشجار خضراء
تثبت، تماماً كما تثبت أشجار الزيتون بعد أن زرعها الأجداد
واليد الدافئة، اليد الطيبة، ستظل طيبة
والقلب الذي فطر على الرحمة سيظل حاملاً للخير أينما حل

قريباً، ستخبرنا كل ورقة تنمو على أجسادنا أن ما قدمناه كان رائعاً أكثر مما يجب، وأننا واجهنا كل شيء، في سبيل إن نصل إلى ما نحن عليه الآن، وأن نمتن لذكرياتنا كلها، لأصغر تفاصيلنا التي عشناها، لأكثرها جمالاً، وللسيئة. ولما تبقى من الذكريات، لأنها جعلت منا ما نحن عليه اليوم، دون أن نميز بين أي شيء عشناه.

هو ذا، نور الله الهادئ ينبعث من قرارة قلوبنا، يمتزج بأرواحنا لنهدأ، ونقر ونستكين. يرفعنا عالياً نحو السماء المضيئة النيرة، مثل فراشة حطت لتهدأ لحظة، ثم تطير..

______
تسجيل للنص لمن أراد سماعه

Listen to فراشة by Bassam Zaki on #SoundCloud
https://on.soundcloud.com/6Pc7y
وأشكو التبجح الذي أسمعه، والقبح الذي يهاجمني، من كلمات طنينها دوماً مستمر، فأقابلها بصمت تعلمت أن أملأ به نفسي، "صمتٍ عميقٍ عمق مياه دجلة الجارية".

جبرا إبراهيم جبرا، شارع الأميرات
سألته: «إذن لماذا تخاف أنت أيضاً عندما نمر بالتينة وفي الليل؟»
هز رأسه وقال: ««لست أدري. يجب ألا نخاف، أنا وأنت ابتداءً من هذا المساء لن نخاف! اتفقنا؟»
قلت: «اتفقنا! لن نخاف!»

جبرا إبراهيم جبرا - البئر الأولى. متحدثاً عنه وعن أخيه.
مهما ابتعدت فلن تحل المسافات شيئاً.

كافكا على الشاطئ - هاروكي موراكامي
في هذا العالم سكون كبير، يدركه الإنسان ما إن يتخلى عن كل شيء. وفيه يضمحل شعور الإنسان بكل ما هو من حوله، فيمسي روحاً واحدة هو وكل نقاء خلقه الله في هذه الدنيا.

لربما تقود هذه العبارة إلى تساؤلات كثيرة عما أفكر به، والحق أني لا أعرف بمَ أفكر، إذ أني أجد نفسي في دوامة من الأفكار منذ عدة أيام. أخال أني فقدت علاقتي بما هو من حولي من تفاهات الأمور، وأني أمتزج بروح الحياة، بالخيط الأثيري النابع عن الجوهر لكل مشاعر حياتنا بصورة عامة.

تجرني الأيام إلى منحدرات صعبة، وليس ثمة ما أرسو عليه. أكتب هذه الرسالة بينما تتبدى السماء كلها أمام نظري، وتتحرك السحب بليونة فتغطي القمر وتظهره. تقودنا الحياة إلى ما هو أبعد من مشاعرنا هذه، تقودنا إلى هوة عميقة بلا قرار. وترمي على أكف أيادينا مهمة أن ننجو من كل هذه العواصف الهوجاء.

لقد كبرت. لقد آن لي أن أصبح الشخص الذي لطالما حلمت به بأن أكونه في الماضي. ولكن، ولسبب ما أجهله، يسقط علي كالصاعقة، أجد أن ذلك غير ممكن حدوثه الآن، ولا حتى في المستقبل. ولكني في المقابل أجدني ساكناً وقد قدّر لي أن تمتزج روحي بروح الطبيعة الممتدة، وبأفق السماء الذي لا ينحصر، وبحركة النسيم الدائمة. كل هذه الأقدار، انتهت في النهاية إلى أن تمزجني بالكامل بالتأمل.. هذا التأمل الذي يقود إلى سبيل واحدة، في نهايتها إدراك ملامح المشاعر المجردة.

"عليك أن تنجو من وسط تلك العاصفة الباطشة الميتافيزيقية الرمزية" يقول موراكامي. علينا أن ننجو إذن.. علينا أن ننجو. ولكن، ممَ ننجو، وأعيننا لا تكاد تدرك شيئاً بملامح تامة الأوصاف لنحدد هوياتها؟ علينا أن ننجو فحسب، ولا تهم تلك الطريقة التي نعيش بها حياتنا. ليس مهماً بأي طريقة يسلك الإنسان حياته، بقدر أهمية أن يسلك في النهاية مسلكاً حسناً.

ب ز
HTML Embed Code:
2024/05/21 17:14:30
Back to Top