مر عام ...

يكتشف المرء مجددًا أن التعب له ذكرى لطيفة، وأن الشوق لتلك الأيام شيء حقيقي، ربما وعينا، تعلمنا أكثر، لكن مازال بالعمق شيء يحنّ فينا أن نعود صغارًا لا قبل عام فقط، بل أعوام عديدة، حينما كان طابور الصباح هو مأساتنا الصغيرة، ربما الطفولة كانت أجمل!

مُبارك عليكم الشهر الكريم، وكل عام وسُكان تِشرين بألف خير.

واجعله شهرًا مليء بالخير والمغفرة، مليء بالسعادة، جبر الله قلوبكم وآمين لكلِ دعواتكم..

يولد الإنسان بمفردهِ ويموت كذلك.

لفرط فراغ الاشياء في داخله، ووحدته، كان لصوته صدى!

يارب الرجاء اللهم رجائنا.

وحدك من ينير القلب، وحدك من يسمعه.

وإن المرء كلما كبر، كبرت بداخله أمانيهِ، نرجوك بحبٍ ألا تموت فينا الأحلام، وأن نحيا لأجلها.

أكتب لأن الخيال ملجأ لمن رفض العالم مصافحته
ولأن المجاز هو الطريقة الأخيرة لمن ضاعت قواه الخارقة للطيران
وأن الكلمات طرقُ بديلة
لمن أضاعت خارطته كنزها

يجبرنا الدُعاء فلا تنسونا.

٣٠ رمضان..
اللّٰهم اجعله مرتحلًا بذنوبنا، اللّٰهم آمين لدعواتِ قلوبنا، آمين لأحلامنا، إن عاد ولم نعد معه فسخر لنا من يدعو لنا، من يرجو عفوك لنا.

تكمن بهجة المرء في فرحةِ من يحب، في ضحكاتهم، في عافيتهم، وكأنَّ وجودهم العيد، فهم الحب، كل عام والعيد بهجتهم، كل عام والأقربون منا روحًا بخير.

لكن المرء بيده، أن يبتهج لجمالِ ما يملك، أم يحزن لما يفتقد!

تبدو وكأنّك في نعيمٍ كلما ابتسمت، يغينك الرضا عما سواه.

تلك الندوب ستصنعنا.

أجيد التغزل بي دهرًا، بعينيّ مثلًا، فأبدو وكأنّي الربيع، ثم أشتم آلام المعدة فأبدو خريفية، فتراني لوهلةٍ سواودية الفكر، لكني نقية بروحِ طفلة، يقع في غرامي الأطفال لأني أشبههم، طفولتي العالقة فيني من تدفعني للجنونِ معهم فأبدو طفلة ناضجة، يخفت الكون في عيني، ويكبر في حضن كفوفهم الصغيرة، يخذلني الاكسجين مرارًا كي أشعر بالحياة، فيراني البعض هشة تخذلها ذرات الهواء، تعجز عن الحصول عليه، لكني قوية رغم فرط حساسيتي، قوية كأمي عظيمةٌ أيضًا لأني فراشتها.

كانت أمي قوية كألف امرأة، حنونة ونقية جدًا، تكاد لوهلة أن ترى نقاوتها من خلف ابتسامتها، وقلبها القطني، يبهرني أن يخبرني أحدهم أني كأمي، أن شيء منها عالق فيني، لذا مهما تاهت بي الأيام أعود مجددًا، لأنها حتى في غيابها علمتني كيف للمرءِ أن يحتضنّ نفسه ويصبح بخير، وكيف للمرءِ أن يكون لطيفًا في عالمٍ يخلو منه!

يجبرنا الله دومًا بطرقٍ غير مفهمومة، يبهجنا دومًا بتفاصيلنا التي نحب.

لطالما كان رجائنا للّٰه وحده، للّٰه ما نرجو للّٰه كل ذلك..

ثم إياك أن تبهت لعل الأيام تزهر مجددًا، لعلها تشرق لأجلِ عينيّك.

مازال يُحيط بنا لطف اللّٰه رغم كل تلك الهزائم.