TG Telegram Group Link
Channel: هـُدهُـد
Back to Bottom
- اهاا.. يعني ما زلت مصر أن يصبح على كل لسان؟
- أيوة، أنا بوجهك!
- أسمع يا وجه النحس، جربنا التحوث وهو أعظم الانحرافات، ما نفعك، لم يبق أمل لديك إلا الإلحاد!
- أعبد الشيطان، المهم يشتهر اسمي (علي البخيتي)!
- أستغفر الله العظيم، يا مكينة! تلحد في الظاهر فقط، وتكتم إسلامك، هذا إن كنت مسلم أساسًا..
- مفهوم مفهوم..
...
بعد عامين

العوبلي: ألوه، حدثني عن مشكلتك أنا أسمعك؟
- أنا علي البخيتي، أعرف أنك لم تسمع بهذا الاسم من قبل.. لكن أذكرك أنا من أخبرته أن الإلحاد آخر وسيلة لشهرته، هل تذكرت؟
- نعم نعم، بشر هل جاب نتيجة؟ أم أنك تراجعت عن قرارك؟
- مارست الإلحاد لعامين عبر البث المباشر من حانات أوروبا..
- أهااا صار اسمك على كل لسان أكيد!؟
- أسمع ثلاثة نماذج لتعليقاتهم واحكم بنفسك..
يقول الأول:
وماذا إن ألحد وسيم! إنها نهاية طبيعية لشخص بدأ مسيرته مخبرًا!
ويقول الثاني:
كان المقص مسلمًًا يفجّر المساجد، صار ملحدًا يشرب الخمر.. الحمد لله شرٌ أهون من شر!
ويقول الثالث:
الإلحاد لا يثير الغرابة حين ينتج من مكينة خـ...

- للأسف، لم أكن أتوقع هذا!
- يا مولاي، الإلحاد لم يجيب نتيجة!
- يا ليته لم يجيب نتيجة، هذا استعاد لك المحذوفات دفعة واحدة، من المخبر إلى المكينة! تدري ليش؟
- ليش؟
- لانهم لا يرون حاضرك الملحد أسوأ من ماضيك الحوثي!
- وما هو الحل لي منعك؟!
- أن تحل عني عليك اللعنة، كنتُ ساحر محترم حتى شفت وجهك المشؤوم..
طوط.. طوط طوط
(ولعلك- أسعدك الله- تعلم أن النكتة التي تُظهر المرأة بلا مكياج كإنسانٍ مرعبٍ أو كعفريتٍ من الجن- وإن لاقت رواجًا في سوق الفيسبوك- إنّما هي كلامٌ مستقبح وهزلٌ مذموم يدخل في باب صناعة المحتوى الذي لا يحكمه الذّوق ولا يحتكم إلى الدين الحنيف، وقد أَقْسم الله بالتين والزيتون، وأقسم بجبل "طور سيناء" الذي كلَّم الله عليه موسى تكليمًا، وأقسم بهذا البلد الأمين من كل خوف وهو "مكة" مهبط الإسلام. لقد خلق الإنسان في أحسن صورة، أي: تام الخلق، متناسب الأعضاء، منتصب القامة، لم يفقد مما يحتاج إليه ظاهرًا أو باطنًا شيئًا، فكيف للمرأة وهي أجمل ما خلق الله أن يكون جمالها بالمكياج وقبحها بغيره؟ فاستغفر لذنبك ولا تعود لمثله وإلا حظرتك.)
أبو عثمان الجاحظ.

- جعلتُ فداك، لم يكن المكياج والفيسبوك قد ظهرا في عصر الجاحظ!
- نعم، ولذلك هو لم يقلها.
- ولِمَ قولّته إذن؟
- لأنّي أثق بأخلاقه وذائقته.
#قديم
من المواقف التي لا أنساها رغم بساطتها..

مرة وأنا في سوق شميلة جاء شاب يناهز الأربعين تقريبًا، كان أنيقًا يرتدي بدلة أنيقة وكارفته ورائحة عطر، صافحني بدون سابق معرفة وبكل بساطة قال: هات ألف نتغدا!
كان الألف تلك الأيام خمسة دولار!
قلت: أهييي ما هذا عاده مسرح يوم النور!
قال: ناهي لا تشولح، مابش قل غدوة!
قلت جاء الفرج، ناهي غطوة.. ومشى!

وإن غدًا لناظره قريب..
الحادية عشر صباحًا، وأنا داخل سوق بيت بوس، على بُعد خمسة أمتار فقط، شفته واقف أمامي مثل تمثال المولات بأناقته وشيكته تلك!
لم ينبس، رفع لي حواجبه فقط سعي ذي يقول: هيا اقطبنا عنجلس نتلاحق من سوق لاسوق!
وأنا بيني وبين نفسي أقول: أما الآن فهو لا يطلب فضل، أنا وعدته ووعد الحر دين عليه، وبكل هدوء أخرجت ألف ريال وقضيت ديني، ومشى كل في سبيله صامتا!
كان عمي واقف جنبي مطنن، قال: من هذا!؟
قلت: هذا معيد يدرسني بالجامعة!

حتى سافرت وأنا أتمنى أن ألقاه مرّة أخرى!
#ذكريات
التّطبيل في حكم التّقبيل

كان عندنا في المدينة شيخ، أو بالأصح عالم كبير، أمام وخطيب أكبر مساجدنا، ورئيس مركز تحفيظ القرآن الكريم وعلوم الشّريعة، على يديه تخرّج آلالف الحفّاظ، وعلاوة على ذلك أستاذ أكاديمي، يرأس قسم علوم القرآن في الجامعة.
منذ وأنا صغير، طالب في الإعداديّة، صبي مراهق، أصلي فرضًا وأقطع أربعة، ولكنّي بقيتُ كلّما قابلته، أسلم عليه وأقبل رأسه، وكان ذلك سهلًا، لأنّه قصير القامة.

لماذا أقبّل رأسه دون غيره؟
بالطّبع، لا لشيء مما تقدّم ذكره، لا علمه، ولا فصاحة خطبه، ولا مكانته الأكادميّة، ولا تلاوته العذبة، فهذه صفات يشترك فيها الكثير وفي نفس المدينة، وإنّما كنتُ أفعل ذلك، لأنّي أحبّه!

نعم كنتُ وما زلتُ أحبّه جدًا، وأنا في ذلك السّن، كلّما قابلته، أستغفر الله في سرّي، لأطرد فكرة تدور براسي قائلةً إنه مثل الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، كنتُ أخاف من هذه الفكرة، فأنا أعلم أن الرسول عليه الصلاة والسّلام لا يشبهه أحد من الخلق ولا يجوز تشبيه، لكنّي رغمًا عنّي، كلّ ما علمتُ من سيرته المشرّفة، أجدها قد تجسّدت في هذا الشّيخ!

حبّي له لا يُعلل إلا بقولٍ واحدٍ «من أحبّه الله، أحبّه النّاس»، لكن في مثل ذلك السّن، لم أكن أعلم بهذا، فكنتُ أعلله بأمور تتراءى لي، منها على سبيل المثال، لمّا كنتُ أقبّل رأسه، كان يردّها، فكفى بهذا دليلٌ على تواضعه، بل وبقيتُ أشعرُ أن الحبّ بيننا متبادل بذات القدر، وكذلك المكانة، أشعر بقدري عنده مثلما أشعر بقدره عندي، وهذه أخلاقه وسلوكه مع الجميع، ولو أن أحدًا هنا من مدينتي تلك، لعرف عمّن أتحدّث على الفور.
الجدير بالذّكر أنّه كان منافسًا لمرشح الحزب الحاكم في انتخابات البرلمان، ومن الطرائف التي شيعت- وهي حقيقية- أن ذلك المرشّح بعد الانتخابات، سأل أصحابه (من رشّحتم؟) قالوا رشّحانك أنت ومن غيرك، فقال لهم: أمّا أنا عليّ الطّلاق إنّي رشّحت فلان براءة للذّمة، وذكر اسم هذا الشّيخ!
لذلك أعظم تأثيرًا كنت أشعر به وهو يناديني باسمي كلّ ما رآني، شعور طالب في الصّف السّابع، يعرفه رجلٌ معروف عند كلّ النّاس!
آخر مرّة قابلته صدفة في صنعاء، وقد تخرّجتُ من الجامعة، ورغم انقطاعنا الطويل، ناداني باسمي!
* وبالمناسبة، دارت تلك الفكرة في رأسي وما زالت تدور، لكنّي لم أعد أجدها حرامًا، بل أقول لا خير في عالمٍ لم تظهر فيه سمات الرّسول!
«عنِ ابنِ عمرَ رضي الله عنهما أنَّهُ رأى رُفقةً من أَهْلِ اليمنِ فقالَ: مَن أحبَّ أن ينظرَ إلى أشبَهِ رفقةٍ كانوا بأصحابِ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ، فلينظُر إلى هؤلاءِ».
إسناد صحيح.
لمّا قرأتُ هذا الحديث لأوّل مرّة، ابتسمتُ وقد تبادر إلى ذهني الشّيخ- حفظه الله- وقلتُ: (هو من تبقّى من تلك الرُّفقة).

لماذا أتذكّر قصّته الآن؟!
في الحقيقة أنا أذكره، كلّما وجدتُ معممًا يبسط يديه للتّقبيل، فأكاد ألعنه وألعن من يقبّلها، وهذه الظّاهرة تحدث عند أهل السّنة، وهم المعنيون، أمّا الشّيعة، فلم أعد أكترث لأمرهم.
لم أكن أقبل رأسه تقديسًا، وإن كان كذلك، فكلانا يقدّس الآخر، بل كنتُ أفعل ذلك حبًّا، لتواضعه ولينه وبشاشته، وابتسامته التي لا تفارق ثغره أبدًا، رجل رغم مكانته العلمية والمجتمعية، لو رأى طفلًا يحاول لبس نعاله، لبادر إلى مساعدته..

الخلاصة، أنا لستُ ضد تقدير ذوي العلم، بالعكس أنا أقدرهم جدًا، لكن لو أن أحدهم كان أعلم أهل الأرض، ورأى أن الانحناء لتقبيل كفّه حقًّا له على العامة، ففي هذه الحالة، حتّى الانحناء خلفه في ركوع الصّلاة، سيُحرم عليّ ما بقيت كرامتي.

يا جماعة، الإسلام ليس علمًا يظهر في المحاضرات العامة، والمقابلات التّلفزيونيّة، وتأليف الكتب، بل هو دين سماوي يتجلّى بالصفات والسلوكيات والمعاملات..
أنت أعلمنا بأمور ديننا، إذن أنت أعظمنا اقتفاءً لأثر الرّسول، أمّا أن أجد تناقضًا بينكما، فأنت وعمامتك حيث ألقت رحلها أم قعشم!

من خلال قراءتي للسّيرة النّبويّة، وجدتُ أن النبي عليه الصّلاة والسّلام غضب ثلاث مرّات غصبًا شديدًا غيّر لون وجهه الشّريف، إحدى تلك الثّلاث: لمّا دخل على نفرٍ من أصحابه وهم جلوس، فقاموا له إجلالًا، فكان ما كان، لولا شاعره حسان لاطفه ببيتين من الشّعر!
فهذا العالم الذي يبسط يده للتّقبيل، هل قرأ سيرة النّبي؟!
إن لم يقرأها، فهو جاهل، وإن قرأها، فهو منافق، فمخالفته تدلّ على أنّ تعلّمه كان لأجل المكانة العلميّة!

يا جماعة!
يقول أكرم الخلق طرًا لرجلٍ غريب يقف أمامه «لِمَ ترتعد، إنّي لستُ ملكًا، إنّما أنا ابن امرأة من قريش، كانت تأكل القديد..»!
هل بكلامه هذا قلّل من قدره لدى أصحابه؟
كلا والله، وما أهون تيجان الملوك مقابل نعاله، بل مقابل أثر خطاه الشريفة على التّراب!
لا أكلّمك أنّهم كانوا يهابوه، فكلّ الرّعيّة تهاب الملوك، إنّما أقول لك إنهم كانوا يحبّوه، وهنا الحبّ يطغى على كلّ شعور، لو أمرهم أن يلقوا بأنفسهم من جبل أحد، ما تخلّف منهم إلا المنافق، فهو بأخلاقه ولينه وتواضعه، ملك قلوبهم، لأنّه نبي وليس ملكًا، لا معنى للطّاعة إن لم تحبّه أكثر من ذاتك وأهلك..
من طرائف الحمقى، أذكر قصة شاعر قرأتها في العقد الفريد، يقول له صاحبه النّاقد: قصيدتك جميلة، لولا أن قافية باء وقافية تاء!
قال: أنت بس لا تنقّط الحروف، وسترى القافية موحّدة!
أقتنع الناقد، لكن بقي له ملاحظة أخرى، قال له: لماذا قافية مرفوعة وأخرى منصوبة؟!
لوى الشاعر عنقه ساخرًا وقال: لا حول ولا قوة إلا بالله، أقول له لا تنقّط وهو يشكّل 😂😂

رعى حمقى الشعر والنقد بتوع زمااان، فائدتهم يضحكونا ويسلّوا على قلوبنا، ما حمقى هذا الزّمان لا كتبوا شعرا، ولا ضحكونا، يفقأوا لنا المرارت ويقرحوا القولونات!
عنوان الخطبة {الحمد الله الذي أراح الأمّة من عبد المجيد»!

خطيب على المنبر سمعته قبل قليل، بعد كلّ عبارة قادحة كاذبة آفكة بحق الشيخ الزنداني، يقول «كما قال بعض أهل العلم»!
أبوك على أبوهم على أبو علمكم!

طبعًا الخطيب سلفي وليس حوثيا، بل ويشتم الزنداني لأنّه تحالف معهم وبايع الخميني!
وأغرب ما يمكنك سماعه، إنّه يذكّر المصلين بأن الشيخ (الضال المضل) هو الذي أسس جامعة الإيمان!
أي والله قالها!
من أي بالوعة يتفقّه هؤلاء!!

ما يعرف عن الزنداني رحمة الله عليه ونشهد له بذلك، إنه لم يتعرض لأحد بكلمة مسيئة، بل لم يرد حتّى على المسيئين!
وما روي عنه، أن أحد طلابه نقل له كلامًا مسيئًا قاله مقبل الوادعي في حقّه، فابتسم وقال: «ابتلاه الله بكرهي وابتلاني بحبّه»!


ومن غرائبهم، وأنا طالب في جامعة صنعاء، كان معنا زميل من صعدة من طلاب مركز الحديث في دماج التابع للوادعي، في تلك الأيام كان الحوثي يحاصر المركز، فبينما أنا مسترسلًا في التعبير له عن أسفي وتضامني المطلق، كانت نظراته شيطانية ناحية اللابتوب تبعي، لأني كنت لاصق شعار رابعة، ثم قال لي: حسن البنا فاسد العقيدة!
نظرت إلى صديقي، فضحك وقال: قد قلت، هؤلاء أعداء أنفسهم، يطلقون الرّصاص على أرجلهم!
Media is too big
VIEW IN TELEGRAM
في صباح الأحد سجّلت قصيدة من ديوان «أغنية راعي الرّيح»، ونمت بعدها، وما صحوتُ إلا مساء الخميس على سرير المستشفى، لأجد الأصدقاء على الأزرق، يحمدون خروج عامر السعيدي من غرفة العمليات..
سلامات يا وطننا العامر❤️‍🩹
على ذات الرّحلة

أثناء عودة حمود من موسم الحج، كان في الطائرة يجلس إلى جوار رجل بيده آلة حاسبة، منذ ما قبل الاقلاع وهو يجمع ويطرح ويضرب حتّى خلص إلى نتيجة «50 مليون ريال سعودي» تمتم الرّجل الحمد لله وأعاد الحاسبة إلى حقيبته!
أستغرب حمود! ودعاه الفضول لسؤال الرّجل:
معقول انفقت 50 مليون ريال سعودي؟!
- لا، هذا المبلغ الذي كسبته من هذا الموسم، الحمد لله كان بركه!
صعق الحج حمود وكاد يجنّ، ولو أن نافذةً مفتوحة، لقفز منها عائدًا إلى مكّة، وقد شعر أنّه ضلّ حصّته..
سأل الرّجل مرتبكًا:
يا أخي! أنا بعت البقرة وقطعة أرض، وجيت على الموسم وفي حوزتي عشرون ألف ريال سعودي، وهأنا أعود منه مديونًا، فكيف عدت أنت مليونير؟!
- موسم أيش يا حج؟!
- موسم الحج، هو عد في موسم غيره!
- هههههههه، أنا عائد من موسم الرّياض.
- وما وهذا موسم الرياض؟!
- مهرجانات، طرب ورقص وألعاب.. تسليات!

بقي حمود المفلس مطننًا في وجه المليونير، فسأله: ما لك ياحج، كنّك نادم؟!
أشاح حمود بوجه، وقال: لا والعياذ بالله، ولكنّي لا أستوعب مآلات الأمور!
- وما تلك المآلات؟!
- على ذات الطائرة العائدة من بلاد الحرمين الشّريفين، رجلٌ رجم إبليس بمكّة وعاد مديونًا، وآخر رقص لإبليس في الرّياض وعاد مليونير!

ضحك الفنان كثيرًا لهذا الكلام الطريف، ثمّ ما لبث أن شعر بمرارته فتكهم وجه، وقال في سرّه: إلى أين تمضي بلاد الحرمين!
ثمّ رفع بصره وقال: يا ربّ، حتّى لو كنتُ فاسقًا، أشعر بالأمان ما دام الإسلام بخير!
في الصّباح رأيته في المقهى، شابًا دخل علينا حبوًا يئنُ وجسمه متقرّحٌ مدمى كأنّه يعاني الحصبة والجدري معا!

وفي المساء رأيته على شاشة التلفاز، صورةً في نشرة الأخبار عنوانها «فارٌ من وجه العدالة».
بادلوني الحديث الشّغوف ليالٍ، ثمّ هجروني ككتابٍ مقروءٍ وانصرفوا، ظانين أنّهم قد أحاطوا بمحتواي من الغلاف إلى الغلاف.
ضاقت آفاقهم، ويحسبون أن آخر نقطة في مدى رؤيتهم حافة الكون!

ألا أيّها المارّون كالأكواز المجخية!
نعم أنا كتابٌ، إنّما لو فرد دفّتيه، لم تقرأه غير الشّمس، تشرق من دفّة وتغرب من دفّة.
ميتم الأمراء

مرّ عامٌ من وقوعهما في غرام الحبِّ العذري، وتقدّم حمير «شابٌ سنة ثانية طب بشري» ليخطب زميلته مرام من وليّها.
*أتدرين يا ندين؟
بقيتُ أنكر أن يكون للكرام حاجة عند اللئام، وأرى هذا الأمر أشبه بحاجة النّحاة إلى خبراء من الصّين، ولكن يحدث أن يكون اللئيم ولي فتاة أحبّها كريم، وفي هذا يُقال «الحبُّ عذاب».

بعد أن طلب حمير مرامه حسب أصول الخطوبة، قال له أبوها:
أنت شابٌ ذو سمعة حسنة وطبيبٌ واعدٌ ترتقي سلّمك بتفوّق، ومثلك لا يُرد إن طلب، ولكن استفسارًا بسيطًا بشأن الأيتام، هل بحثتَ لهم عن ميتم جيد؟
ألقى حمير عن يده كأسًا في حالة ذهول واستغراب:
عن أي أيتام تتحدّث يا رجل؟!!
- يا ابني نحنُ نعلم أن والديك توفيا بحادث سير، وتركا لك توأمين (أخوك وأختك) وأنت تربيهما منذو ذلك الوقت.. أسمعني يا ابني جيدًا، ما تفعله شيءٌ عظيم، لكن ابنتي مرام طالبة طب مثلك، لا مهمّة تربويّة تأخذ حيزًا من حياتها العلميّة إلا تربية أطفالها ولها الخيار في ذلك، وفوق ذلك يلزمها بيتًا لا يستوعب أكثر من اثنين!
ضحك حمير كثيرًا والدّمع يكاد يسيح على مآقيه، وهو يقول: علاء ورنا يتيمان.. يا عيباه! ثمّ هبّ واقفًا كالأسد، وقال: الباب لو سمحت!
فُتح له الباب ونفذ منه مثل السّهم!
وتجمّدت مرام على الشّباك كما لو أنّها تيتمت حينئذ، وإنّما تنظر في أبويها محمولاين على نعش!
«ما اليُتم إلا أبوان قبيحان» تقول مرام بعدما هجرت الطّب ولجأت بمأساتها إلى الأدب، تنتج نصوصًا مأساويّة في غاية البلاغة!

دور حمير المفتاح في محرّك سيارته وانطلق بها مسرعًا كالبرق في جوٍ ضبابي يحجب الرؤية، وما كانت السّماء ملبّدة ولكن كانتا عيناه..
جاوز بوابة داره، بل كان قصرًا مشيدًا، على فنائه يلعب (اليتميان) كأميرين!
«علاء، رنا.. اتبعاني» قالها ودلف إلى داخل الدّار..

جلس الثلاثة حول طاولة، لاطفهما بالكلام كما يفعل عادةً، ثمّ نظر في علاء، وقال له: علاء يا حبيبي أنّك تشبه أبي، هل تسمح لي منذ الآن أناديك بابا؟!
ضحك علاء وقال: حقًّا تريد هذا يا أخي؟
- أجل أنا جاد في طلبي، وأتمنى ألا تكسر بخاطري!
- لك ما تشاء يا أخي.. عفوًا يا ابني ههه.
ثمّ نظر في رنا، وقال لها: رنا يا حبيتي أنتِ تشبيهين أمّي، هل تسمحين لي منذ الآن أناديك ماما؟!
- أممم، أسمح لك لكن بشرط!
- شرطكِ مجاب يا أعذب رنا، تشرّطي؟
- أن أتولّى أمر تربيتك، ولا يتدخل أبوك هذا، لأني أخشى أن يفسدك!
ضحك أخوها علاء.. وضحك حمير وقال: إنّه أبي حقّه عليّ السّمع والطّاعة، ثمّ أن تربية الابن شراكة بين الأبوين كما تعلمين!
قالت: حسنًا قد سمحتُ لك يا ابني الوحيد!
ارتمى حمير في حظنهما، وهو يقول «اجعلني اللهم بارًا بوالديّ».
ومرّ عامٌ، ومن يراهما، لا يشكّ أبدًا أنهم عائلة من ثلاثة أفراد: أبوان وابنهما الوحيد، كلٌ عاش دوره العائلي بجدية ومسؤوليّة..

ذات يوم وهم على مائدة العشاء، قال حمير: بابا.. ماما، هناك أمرٌ أريد أخباركما به لكنّي أتحرّج!
- لا تتحرّج أنت ابننا الوحيد، تدلّل!
- ابنكما كُبر، وصار وقت يتزوّح، فما رأيكما!
لم يقولا شيئًا، لكنّهما عبرا عن فرحتهما الغامرة بكلّ جوارحهما!
قال: حسنًا إذن، ألا تبحثان لي عن عروس!
- نحن موافقان على الفتاة التي تختارها!.
- إذن، استعدا حتّى الخميس القادم، ستذهبا إلى بيت فلان، لتخطبا لي كريمته فلانة!
لم تسعهما الفرحة، وانتظرا صباح الخميس بفارغ الصبر!

في ساعة الخطوبة، كانا الثلاثة في صالة الضّيافة، ظلّ حمير صامتًا، وبدأ علاء (الأب) بالكلام: جئنا نخطب يدك ابنتكم الكريمة رباب لابننا الطبيب الواعد حمير على كتاب الله وسنّة رسوله..
وأضافت رنا عبارات الثّناء على ابنها الطبيب المتفوّق!

شردّ الأب لِما كان يسمع ويرى، ليس استغرابًا، بل تعجبًا وإعجابا، ثمّ لم يزد على أن قال: لولا أن الشّرع فرض أذن الفتاة في الزّواج، لزوّجتها ابنكم ولو مرغمة، ولكن أنتظرا منّي جوابًا!

دخل الأب على ابنته وقال لها:
يا ابنتي يا رباب، في ضيافتنا عائلة استثنائيّة تخطبكِ لشابٍ استثنائي، إن رفضتيه- وهذا من حقكِ- لن أقول لهم «ما لكم عندنا نصيب» ولكن سأقول لهم «ما لنا عندكم نصيب»، والقرار قراركِ، معكِ ساعة للتّفكير!

بدأت الفتاة تفكّر في أمرٍ واحدٍ: حمير شاب توفّى أبواه بحادث سيرٍ منذ أحد عشر عام، وخلّفا له توأمين بعمر العام، فأي عائلة استثنائيّة جاءت تخطبني له؟!
دخلت عليها أمّها، لتجيبها على سؤالها، وتحكي لها ما دار في صالة الضّيافة بالتّفصيل!
زاد إعجابها بحمير وعائلته، ولكن عبّرت لأمها عن مخاوفها، فقالت لها إنّها مجرّد وساوس وأوهام، وأوصتها بالتّوكّل على الله ولن يضيّعها، ففعلت وتمّ الزّفاف وزُفت بهواجسها ومخاوفها.
في ليلة الدّخلة
حمير:
مرحبًا بكِ يا ربّاب فردًا أنظم إلى عائلتنا، الآن صرنا أربعة، أنا وأنتِ و«علاء ورنا» هديّة والداي، توأمان أعيش في كنفهما منذ كان عمرهما عام واحد، رغم أنّي بهما تجاوزت الحزن ومنها أستمدّ قوّتي وبأسي، لكنّي آليتُ على نفسي ألا أسمح لأحدٍ ينعتهما باليتم ما دمتُ حيّا، ولا يرى أحدٌ فيهما ملامح الضّعف ما دام بي عرق ينبض بالحياة، وقد تمّ هذا وأنا أعاملهما كأخ أكبر حتّى صارا في عمر الحادية عشر، إنّما أتّخذتهما أبوين في الأوانة الأخيرة، لكي أشعر أنا بالأبوّة والأمومة، وقد كان ذلك بالفعل وشعرتُ أن أبي وأمي قبل أن يفضيا إلى ربّهما خلّفا لي نسخة منهما.. وهما يطلباك لي من أبيك، شعرتُ أن العالم كلّه مقطوع من شجرة إلا أنا..

قالت:
أنتَ يا حمير نموذج لكلّ شابٍ نبيل، وذو قصّة نبيلة تحكى على كلّ منبر، وأسوة حسنة يحتذيها كلّ ذي ضمير حيّ، لكنّي زوجة، وإن أُعجبت وتأثرت، لابد لها أن تخاف!
- أعلم ما الذي يخيفكِ، لكن ستثبت لكِ الأيام أنها لم تكن سوى وسوسات أراد الشّيطان أن يعكّر بها فرحتك الكبرى.
- هما طفلان على أيّة حال، فماذا أن نقلا لك عن زوجتك كلامًا- لم يُقال- أو حكيا لك حدثًا- لم يحدث-؟
- ليس بوسعي إلا تصديقهما!
- وإن طلبا منك أن تطلقها بسبب أو بدون سبب؟!
- أجبهما من غير سؤال.
- أمّن الله خوفك، بهذا زالت مخاوفي، ويمكنني أنام قريرة العين! أطرقت برأسها وبدأت بالانهمار!

تناول حمير منديلًا وجفف دموعها، وقال لها وهو يشير إلى الجدار: انظري إلى هذه الصّورة، جميلة أليس كذلك؟
دهشتُ رباب لما رأت!
إنّها صورتها وهي تقدّم العصير يوم خطبتها!
من التقط الصّورة؟ وكيف سُمح له بالتقاطها؟
وتساؤلات تعصف برأسها، يقرأها حمير من لغة عينيها وملامحها، تبسم لها، وأجابها عن تساؤلها:
هذه يا عزيزتي رباب ليس صورةً، ولا علاقة لعدسة الكاميرا بما تشاهدين، إنّها لوحة الفنانة رنا، نعم رنا التي تخيفكِ وتبكيكِ الآن قلقًا!
يا رباب! هذه الدّموع التي ذرفتِها آنفا، عن قريب- ربّما منذ صباح الغد- ستصبح أعظم ذكرى تسخرين منه.
لم أحدّثكِ عن علاء ورنا، لم أخبرك عن تربيتهما عن تعليمهما عن ثقافتهما عن مواهبهما، لم أخبرك أنهما يعيشان ويعيشاني في عالمٍ تنزّه عن كلّ أدواء عالمنا، عالم ملائكي لا يعرفا غشًا ولا كذبًا ولا كيدا، ترعرعا على الإسلام، قرآن وسنة وأدب إسلاميّة وفن، وقد تركتُ الحديث، لأنّي أثق أنّك في أوّل لقاء، ستعرفين كلّ شيء، ولكن اضطررتُ له الآن، لكيْلا تكون أسعد ليلاليك ليلًا كئيبًا طويلا..
ودعيني أحكي لكِ حكاية ما قبل النّوم:
ذات نهار وأنا عائدًا من جامعتي، دلفتُ بهدوء إلى فناء الدّار، فاستوقفني شجار علاء ورنا، فمكثتُ أسترق السّمع من وراء سياج الأشجار دون أن يشعرا بي، وكان هذا ما دار بينهما منذ لحظة وصولي:
يقول علاء: لم أقصد قتلها، دهستها بالخطأ وأنا حقًّا آسف لذلك!
- لو كنتَ عامدًا، لكان الحديث معك بأسلوب آخر، أنا أعلم أنّك لم تقصد، ولهذا أقول لك عليك أن تتحرّى خطواتك جيدًا، لا ترفع قدم إلا وقد علمت أين تضعها!
- يا رنا، كانت مجرّد حشرة!
- كانت مجرّد حشرة! استخفافك هذا أخطر من قتلها خطأ!
- لا حول ولا قوّة إلا بالله!
- يا علاء يا أخي وحبيبي! إن الله خلقنا متفاوتين في القدرات، أنا أقوى من الحشرة، وأنت أقوى منّي، وحمير أقوى منك، وهناك من هو أقوى من حمير، والله أقوى من كلّ الخلائق.. هذا التّفاوت ليس رخصة، ليستقوي بعضنا على بعض، ولكنّه ابتلاء، احمِ بقوّتك من تقدر عليه، ليحميك الله بقوّته ممن يقدر عليك.
بكى علاء، ثمّ طفق يحاول إنعاش الفراشة التي دهسها خطأ، ويعيدها إلى الحياة..
يا رباب، إنّي والله أتعلم منهما الدّين والأخلاق، وغدًا لناظره قريب.

أتى الصّباح، ولم يطلع النّهار إلا ورباب تطلب من علاء ورنا، أن يكونا لها أبًا وأمًّا، وافق علاء على الفور، بينما قالت رنا: أوافق على شرط!
- عيوني لكِ يا أحلى رنا!
- إذا حصل بينكِ وحمير خلاف، أي خلاف، ونويتي الذّهاب لأهلك، تأتي إليّ، تمكثين في حجرتي حتّى يصالحك!
احتضنتها ودموع المشاعر تنهمر غزيرًا، وتقول: الآن أحتضني يا رباب سمائك، لولا هذا الحضن، لبقي الرباب مجرّد اسمٍ!
نقاط على الحروف

مشاهدينا الكرام نرحب بكم في حلقة جديدة من برنامجكم الأسبوعي (شجاعة أدبيّة)، ضفينا اليوم ناشط حقوقي ذو خلفية إسلامية، سنلقي عليه أسئلة مباشرة صريحة، وعليكم أن تقيموا شجاعته الأدبيّة من خلال إجاباته..
أهلا وسهلًا بك ضيفنا الكريم.
- أهلًا وسهلا..
- سأبدأ معك بالسؤال الأول: هل أنا باعتقادك كافر؟
- على أي دين أنت؟
- المسيحيّة.
- طبعًا كافر.
- أشكرك على شجاعتك.
- وأين الشّجاعة في أمرٍ كهذا؟
- هذا سؤال نطرحه على بعض مشايخكم هنا على الشّاشة، فيلفّوا ويدوروا، ثمّ لا يجيبوا!
- هؤلاء ليسوا مشايخنا.
- دعنا منهم الآن، وقلّي لماذا أنا كافر في اعتقادك؟
- هل تؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم نبيًا؟
- لهذا السّبب أنا كافر، لأنّي لا أؤمن بما تؤمن به؟
- الكفر ضد الإيمان، ولابد أن تكون في أحدهما.
- هذا تطرّف.
- أنظر، محمد صلى الله عليه وسلم ليس محمد صلاح تشجيعه مجرّد شغف، والاختلاف حوله وجهة نظر، بل هو نبي بعثه الله، فالاختلاف حوله عقائدي، إيمان أو كفر.
- أشكرك مرّة أخرى على شجاعتك.
- وأسالك مرّة أخرى أين الشّجاعة في هذا؟
- أنت تفشي ما يحاول مشايخكم التّستر عنه.
- هؤلاء ليس مشايخنا.
- ومن هم مشايخكم؟
- مشايخنا ليسوا فريق كرة سلّة يمكنني عدّهم لك، هناك جامعة واحدة تخرّج في العام الواحد ثمانية آلاف شيخ، عمَّ تسأل أنت؟!
- أسأل عن شيخ يجيب على أسىئلتي دون لف ودوران!
- لست بحاجة أن تسأل شيخًا ولا أحدًا من المسلمين عن الإسلام، فنحن لسنا منظمة سرّيّة، نحن أصحاب دين سماوي مثل الشّمس، قرآننا الكريم وسنّتنا المطهرة مترجمان إلى جميع اللغات، يمكن أي إنسان في مشارق الأرض ومغاربها أن يقرأ، فيعرف عن الإسلام كلّ شيء.
- أفهم من كلامك أن من يقول عنّي كافر هو القرآن، كتابكم المقدّس وليس اجتهادًا شخصيًا؟
- بالتّأكيد ليس اجتهادًا، الله يقولها في كتابة صريحة.
- إني كافر؟
- في القرآن سورة تكفّر عمّ الرسول صلى الله عليه وسلم وتتوعّده في النّار، فالأمر لا يقبل المجاملات يا صديقي.
- تقول صديقي وأنا في اعتقادك كافر؟!
- أستغرب أن يكون هذا مخيفًا! ماذا يعني أن تكون كافرًا في اعتقادي؟
- أنت من يجيب على هذا السؤال!
- يعني أنّك لا تؤمن بما أؤمن به.
- وبناء عليه؟
وبناء عليه «لكم دينكم ولي ديني..».
- هنا أنت لست شجاعًا، بل تغالط!
- يا صديقي أقولها للمرّة الثانية، ديننا ليس منظمة سرّية، نحن دين سماوي، لنا مرجعيتان «كتاب الله وسنّة نبيّه»، وهاتان المرجعيتان مطروحتان للقرّاء في جميع اللغات، أنت لا تقرأ، ولذلك تقول إنّي أغالط، بينما أنا ذكرت لك عبارة قرآنيّة!
- سأقرأ، ولكن دعني الآن أفهم منك، كونك تعتقد أني كافر، ماذا يترتب على هذا الاعتقاد؟
- كما قلت لك «لكم دينكم ولي ديني»، ولا تقل أنّي أغالط فهذه العبارة اقتباس قرآني.
- تعني أنّك لا تفكّر بإذائي متى سنحت لك الفرصة؟!
- إذا فكّرتُ بإذائك، فلأنّك معتدي ظالم.. وحين تكون ظالمًا، سأقاتلك حتّى ولو كنتَ على ديني.. لن أحدّث عن عدالة الإسلام، فأنت لن تصدق ولن تستوعب، فدعني أحدّثك باللغة التي تفهمها..
ركّز معي يا صديقي، حتّى لا تظنّ أنني أحاول تلميع ديننا، مسالمة الذين يخالفوننا دينًا هو أمر يحمينا منهم قبل أن يحميهم منّا..
- كيف هذا؟
- أبسط لك المسألة، نحن المسلمون مليار، هناك ستة مليار كافر، لو كان ديننا يأمرنا بقتلهم، لبادروا إلى قتلنا قبل أن نصل إليهم، لذلك حين أقول لك إن ديني لا يأمرني بإذائك لأنّك كافر، ففهم أنّه يحميني منك، فلا تظنني أغالط.
- حسنًا، هذه الجماعات الإسلامية المتطرّفة على ماذا تستند في أعمالها الإرهابيّة؟
- هذا موضوع شائك ومؤلم ومخيف!
- واضح من ملامحك!
- ذات يوم وأنا أسمع الأخابر، يقول مذيع الأنباء: انفجار إرهابي غادر أودى بحياة العشرات من الإبرياء!
حينها سببتُ المذيع، لأنّه يكذب، فأنا كنتُ شاهدًا على عدد الضحايا وقد كانوا سبعة، إذ أن الانفجار حدث في مكان قريب من تواجدي..
مرّت الأيام، فعلمتُ أن المذيع لم يكن يكذب، وإنّما أنا كنتُ ضيّق الأفق!
- ماذا تعني؟ هل ارتفع عدد الضحايا مع مرور الأيام؟!
- السّبعة كانوا ضحايا الانفجار الإرهابي، لكن هناك العشرات ذهبوا ضحيّة مكافحة الإرهاب!
- لم أفهم ولا أظن المشاهد الكريم سيفهم!
- بلى المشاهد الكريم سيفهم جيدًا، أنا أحد المشاهدين الكرام، لا يخاف أحدنا من التفجير الإرهابي بقدر ما يخاف من أن تلصق به تهمة الإرهاب. بعد كلّ حادث تفجير إرهابي، يُقاد العشرات من النشطاء والساسة إلى مسالخ مكافحة الإرهاب أو جهاز الأمن القومي، وهناك يمارس الإرهاب الفعلي..
- كأنك تقول إن الإرهاب ومكافحة الإرهاب جهاز واحد؟
- أنت تسمع كلامي كأنّي أتحدث ابتكارًا واختراعًا، بينما كلّ بريء على هذه الأرض لا يجد حديثي إلا معلومات قديمة مملّة، فدعني أكمّلك الحكاية.
أمريكا أتت إلى العراق، لتكافح الإرهاب، وبالصدفة اكتشفت حقول نفط، فأنشأوا شركات نفطيّة، وذهبت إلى أفغانستان لمكافحة الإرهاب أيضًا، وصدفة أكتشفوا أن البلد جبال من معادن، فأنشاوا شركات تعدين، وسبحان الله، انتهى الإرهاب حين اكتفوا بما جمعوا من الثروة المعدنيّة!
- الحديث الممل فعلًا، هو الحديث عن التآمر الخارجي، وجعل أمريكا شمّاعة، لتبرئة دينكم من تهمة الإرهاب!
- هل تسرّك أشلاء الأطفال في غزّة الآن؟!
- لا أبدًا، لا يمكن، أنا أتعاطف مع الشّعب الفلسطيني جدًا، وأدعم مقاومتهم وأراها حقًّا مشروعا!
- ولكن أمريكا التي قلت عنها شمّاعه نعلّق عليها جرائم الإسلام، تصنفهم إرهابيين، وهذه الأشلاء التي لم تسرّك هم ضحايا مكافحة الإرهاب.
- فعلًا كما قلت، هذا موضوع شائك ومؤلم ومخيف.. دعني في ختام الحلقة أن أشكرك على تشرفينا بحضورك معنا في الاستديو، وتفضل بكلمة أخيرة تود أن تقولها؟
- أشكر القناة على هذه الاستضافة التي أستطعت من خلالها التّعبير بحرية ودون أية مقاطعة، وهذا إن دلّ على شيء، فإنّما يدلُّ على أن الحلقة لن تُبث.
غزّة اسم يشير إلى أسمى معاني التّضحية والفداء في سبيل نصرة الحقّ والعدل ومقارعة الباطل والظّلم،
تستطيع أن تعيش غزاويًا في أي مكانٍ كنت في هذا العالم، فالظالمون وأهل الباطل يملأون الأرض، إن لم تقاومهم في محيطك بأقصى ما تستطيع، فقد خذلت غزّة ولا معنى لنصوصك حولها إلا النّفاق.
وأنا أقرأ قطعة نثريّة، استوقفني اقتباسٌ شعري، كان بيتًا، لم يكن جديدًا عليّ، إنّما أراه في النّثر يحتل مكانًا أنسب من مكانه في القصيدة، بدا كقمرٍ ينصّف سماء منثورة بالنّجوم؛ لهذا كتبتُ في دفتر ملاحظاتي:
ومما يزيّن الشّعر: «بلاغة الاقتباس»!

وليست بلاغة الاقتباس أن تضع بيتًا بليغًا بين علامتي التّنصيص، ولكن أن تضعه كاستشهاد ضمن نصّ نثري بليغ، وليس هذا وحسب، بل وتراعي موقعه المناسب في القطعة النّثرية كما يراعي النّحوي موقع الكلمة من الإعراب، فيبدو البيت كشاهد المسبحة.
«يكفي المحب هلاكًا أن تقول له
غدًا أراك، أراني اليوم مشغولا
»

عبد الإله الشميري
كم مرة وقفتُ حيال نصٍّ مبعثرٍ، هو حسب التّصنيف «شعر حرّ»، ولكنّي أرى حرًا ولا أرى شعرا!

وطالما لاقيتُ نصًّا، هو حسب التّصنيف «شعر عمودي»، ولكنّي أرى عمودًا ولا أرى أثرًا للشعر!
مفارقة غريبة أليس كذلك؟
هذه هي مشكلتي في الحياة «المفارقات الغريبة» في جبيني ندبة قديمة، سببها أنني تخبّطتُ في الظلام ليلةً، فارتطمتُ بعمود الإنارة!
الله عليها من أيام
كنت كاتبن فريق ورئيس فصل وزعيم عصابة.. ههههه كل شي
HTML Embed Code:
2024/05/17 17:41:23
Back to Top