عَيْنَاهُ عِلَّةٌ وَ أَنَا الْمَعْلُولُ بِهِنَّ
مَقْلَتَيْهِ دِجْلَةٌ وَ أَنَا الْمرْتَوِي بِهِنّ

أَلَا يَا حُلْمُ، لَا تَهْجُرْنِي، فَإِنِّي
بَذَلَتُ العُمَرَ فِي بَحْرِ التَّمَنِّي

أقتلعتُ أخر ورقة لكَ في
غُصني لَن يَعود رَبيعك أبدًا

‏أكُنتِ هُنا يومًا أم كانَ طيفُكِ مؤنِسي ؟
أكُنّا ذِكرى دومًا أم أنكِ من نسج خيالِ

واعتاد قلبي من الترحال لوعتهُ
ما عاد شيءٌ من الآلام يوجعهُ
بتنا نصبّر بعضًا حين نذكرهم
الله قدّر بُعدًا كيف نمنعهُ

لا النومُ يَطرقُ أجفاني ليَسكنَها
و‏إنْ نامَ جفني فقلبي كيفَ أُغفِيهِ؟

وَهَكَذا كُنْتُ في أَهْلي وَفي وَطَني
‏إِنَّ النَفِيسَ غَريبٌ حَيْثُما كانا

ربَّاهُ عونكَ فالأمواجُ عاصِفُةٌ
‏ومركبي تائِهٌ والبحرُ مَسْجُورُ

فَكَيْفَ أَقتُلُ يَأسِي أَو أُرَاوِغُهُ
مَا دَامَ يَسْكُنُ في رُوْحِي وَأَحلامِي

ومن لَم يذُق مُرَّ التعَلُّمِ سَاعةً
تَجرَّعَ ذُلَّ الجَهلِ طُولَ حَياتهِ

فَتَراهُ يُبدِي لِلأَنَامِ سَعَادَةً
وَالهَمُّ فِي اضلَاعِهِ مَحبُوسُ

‏وَما أَربَت عَلى العِشرينَ سِنّي
فَكَيفَ مَلِلتُ مِن طولِ البَقاءِ

وسامةُ الشَّكلِ لا تُغني عَن الأدبِ
‏ويُحمَدُ المَرءُ بالأخلاقِ لا النَّسبِ

إنَّما تَطِيبُ الأيام الثِقال بِخِفَّةِ
الجُلَسَاءِ و كُوب من الشاي

‏وَخطيئَةُ القَلبِ النَّقي بأنَّهُ
لَيظُنّ أَنَّ النَّاسَ تَصفُو مِثلَهُ

وَالشَّوقُ وَاللَّهفُ إلَيكَ يَزِيدْ
مَا لِلفُؤادِ سِوَاكَ مِنْ حَبِيبْ

دُمُوعُ العَينِ قد سَالتْ وَلَكنْ
دُمُوعُ القَلبِ هَل تَلقَى سَبِيلا

‏وكُنتُ أُطعمهُ قمحَ فُؤادي براحتي ..
عجبًا كيفَ باتَ يُرضيهِ فُتاتُ الطريقِ!

كُلُّ الصّعابِ بلطفِ اللهِ هيّنةٌ
‏ طَمّن فُؤادَكَ لَا حزنٌ ولا قلَقُ