تتوهج شمس الظهيرة في أيام الربيع في ذلك الطريق الصحراوي والإمام الحسين ( عليه السلام ) قد بانت على وجهه الشريف قسوة الأحداث . فاسرع إليه الشيب ، والحركة السريعة تجهد الإنسان فمن الطبيعي ان يغفو الإمام فوق قربوس فرسه ..
انتبه مرعباً ، وهو يقول انا لله وانا إليه راجعون ..
كان ولده علي الأكبر ومرافقه غير بعيد عنه . انه كان يلاحـظ والـده . ولعله كان يحرسه ، بينمـا كان العباس ( عليه السلام ) يحرس قافلة النساء .
فاسرع إليه قائلاً ممَّ استرجعت يا أبه ؟ لم يخف الإمام عن ولده حقيقة نومه بالرغم من معرفته بايمان علي الأكبر بامامة والده وعصمته وان منامه حق .
ولكنـه لـم يخف عنه منامــه علمــاً منه بمدى رسوخ الايمان عند ولده فقال له : رأيت كأن هاتفاً يقول : القوم يسيرون والمنايا تسير وراءهم .
فالرحلة ليست ـ في واقعها ـ إلى الكوفة . و إقامة حكم إسلامي فيها . و إزاحة الطاغوت يزيـد ، وحزبه الأموي . بالرغم من ان ذلك هو المخطط المرسوم والمرتقب عند الناس بل وحتى عنـد الكثير ممن يرافق قافلة الحسيـن ( عليه السلام ) .
كلاّ انما هي رحلة الشهادة .. رحلة المنايا التي تلاحق الركب كله . استمع علي الأكبر إلى والده بأدب جم فلما سكت بادره قائــلاً : يا أبه أفلسنا علـى حق ؟
قال : بلى . يا بني والذي إليه مرجع العباد .
قال : إذاً لا نبالي بالموت اوقعنا على الموت او وقع الموت علينا 1 .
تلك الكلمة كانت منتظرة من سلالة الرسالة حفيد أميـر المؤمنيـن علي ( عليه السلام ) وكانت ـ في ذات الوقت ـ هدية ثمينة قدمها الولد لوالده في مقابل أتعابه عليه وجهده في تربيته .
السيد محمد تقي المدريسي✍
>>Click here to continue<<
