الحلقة السادسة..
رواية حرب ابريل...
...... السعادة دائماً نجدها في العطاء وليس في انتظار العطاء ، بعطائك للغير ستشعر بإنسانيتك لهذا أشعر براحة لم اتذوقها من قبل وبدأت الرغبة في تزايد وادمان لهذا الشعور حتى أمي لم تعد تنظر لي كطفل مدلل بل رأت رجل يحاول تحمل مسؤولية لا تخصه، لذلك معنى أن تحمل مسؤوليتك فبالتأكيد أنت عظيم ولكن أن تحمل مسؤولية من هم حولك فأنت نبيل...
_يا محمد الليلة عايز تاكل شنو؟
الليلة وين حمودي؟ وبعدين ياتو يوم سألتيني عايز تاكل شنو ما ياهو عدسك ده هردتي بيهو حشاي! أمي انت كويسه؟
_ والله رفعتا راسي مع نسوان الحلة جوني بالجبنه واتبوبرت زين وبقيت زي ام خطاب كانت سيرتها كلها الدكتور عمل الدكتور فعل.
هسي انا امشي اتجلد واتهان عشان انت تتبوبري؟ لكن كله في فداك يا ام محمد.
_ محمد في صوت طيران وشكلو قريب ربنا يستر.
طيب ثواني اتأكد..
كانت هناك طائرتان تحلقان في الجو بينما يمطر عليها المرتزقة وابل من الرصاص عسى أن تسقط فتتساقط القذائف بشكل عشوائي وهذه المرة بصورة أعنف وأقرب من سابقتها فتسارعت دقات قلبي وتوجهت صوب أمي كي أخبرها بأن تتخذ الساتر وفجأة قذيفة سقطت في الغرفة المجاورة لغرفة أمي وكان الانفجار ضخم ولوهلة وجدت نفسي طريح في الأرض والغبار يملأ المكان فإستيقظت وانا أسعل وكأني لا استوعب ما يحدث ولكن تذكرت شيئاً واحداً وهو أن أمي بالداخل!...
لا حولا ولا قوه الا بالله يا امي... أمي... أمي.. أصرخ بصورة هستيرية واركض بطريقة يفزع منها الغبار، في كل خطوة أشعر بأن لا شيء له قيمة من دون أمي كل شيء سيتحول إلى كارثة وكأنني اخاطب الله بحالي وماذا سيحصل لي في غيابها حتى لا يأخذها مني... وجدتها ممدة على الأرض لا تتحرك ورفعت رأسها لأضعه بين قدمي لأن الأرض لا تليق بها وأخذت أصرخ.. نادو الدكتور.. نادو الدكتور أصرخ من دون وعي مني واعلم بأن لا أحد يسمعني ولكنني لا استطيع مفارقتها إنها بحاجه إلى... أمي انا هنا البيوجعك شنو أمي ما تخليني والله ما لي غيرك...
أبكي بحرقة واتلعثم بكلمات لا أعلم معناها حقاً فسمعت صوت أقدام أهل الحي يتدافعون ورفعت رأسي لأجد اولهم خطاب فتبسمت والدموع تغطي وجهي..
خطاب أنت دكتور تعال شوف أمي مالا.. خطاب هي كويسه صاح بس نايمه ساي هي جنها نوم..
_ محمد استهدى بالله ان شاء الله ح تكون كويسه هسي ارفعها معاي السرير.
يا زول أمي كويسه هسي بتقوم براها.. أمي اصحي.
صفعني خطاب بعنف عسى ولعل أن يهدأ روعي وصرخ بوجهي
_ يا محمد أمنا حتكون كويسه انت هسي روق وخلي ايمانك قوي.
تحسس خطاب نبض أمي وأشار لي بأنه ضعيف قليلاً ولا يوجد أثر لضربات أو نزيف وتوقع بأنه إنخفاض مفاجئ للضغط..
شيئاً فشيئا ازدادت الحشود أمام منزلنا ودخلت إيمان الممرضة وبيدها علبة إسعافات أولية مخاطبتاً خطاب " ده درب جلكوز حينفعها لو ما اتحسنت نحاول نوديها المستشفى" ثم نظرت لي وأردفت " عندها سكري ولا ضغط او أي مرض مزمن؟" فأومأت برأسي : أي عندها سكري وضغط بس أخدت علاجها قبيل.
بعد نصف ساعة استعادت أمي وعيها فعانقتها عناقا حارا " أمي انت كويسه الحمد لله ألف حمد وشكر خوفتيني عليك "
_ انا كويسه يا ولدي ما تخاف علي.
نظرت لخطاب وإيمان وانا امسح دموعي" انا ما عارف اشكركم كيف انا مدين ليكم بحياتي ومن غيركم ما كنت ح اعرف اعمل شنو!.
إيمان : لا شكر شنو ده الواجب والحمدلله على سلامة خالتو إحسان ده الأهم.
أخذت أمي تتفحص ايمان بطريقتها المعتادة تنظر ليديها للتتأكد من وجود خاتم او عدمه فقاطعت نظراتها" أمي لا ده ما وقته نهائي ولا تفكري".
طلبت من خطاب أن يبقى مع أمي حتى أوصل ايمان لمنزلها..
في الواقع كنت أريد شكرها مجدداً بينما نتمشى صوب منزلها
عارف لو شكرتك مرة واتنين ما بوفي حقك بس مع ذلك شكراً.
_ أنت برضو عملت زي يا محمد لما جبتا أدوية السكري لأبوي كده واحده بواحده.
طيب كده تعادل ما مشكله.
_ صحي انت ليه قلت لأمك" لا وده ما وقته" من غير ما هي تتكلم.
أمي حافظها كويس كانت بتفتش لو عندك دبلة خطوبه أو أثر حنة في يدك عشان تقول ليك نخطبك لولدي.
_ أمك دي عسل شديد حبيتها والله..
حبيتيها شنو آخر مرة مشت سمايه وجات قالت لي حجزت ليك بت.
_ أي والمشكلة وين؟
المشكلة انو دي سماية البت الحجزتها لي يعني عمرها سبعه يوم قالت عشان شعرها طويل وعيونها سمحات.
_ والله ضحكتني انا حبيتها اكتر وشكلي يومي حا ازورها.
عندي سؤال، انتو ليه ما رحلتو للآن؟
_ لسه منتظرين ابوي يتعافى وناخد رأيه،ااها وانتو؟
والله نحن ما عايزين نسيب بيتنا.
_ محمد انت لسه بتحب السودان؟ لأنو بحس فيك وطنية رهيبه.
>>Click here to continue<<